هاني شاكر وزوجته (3)

أصدر الفنان المصري هاني شاكر، نقيب الموسيقيين الجديد جداً، والذي استلم منصبه قبل أسابيع قليلة، قراراً باسم النقابة يقول التالي: (ستحيل النقابة للتحقيق أي مطربة ترتدي ملابس عارية في الحفلات والكليبات والبرامج، إضافة إلى الإنذار بشطبها إذا كانت بين الأعضاء وسحب التصريح بالغناء منها في حال افتقادها العضوية الرسمية في النقابة).

قرار هاني شاكر أثار زوبعة عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، خصوصاً وأن كلام شاكر يُعتبر تدخلاً سافراً في لباس الفنانات، وخطوة مخيفة نحو فرض مزيد من التزمت في مصر أم الدنيا وأم الفنون والموضة والجمال.

هاني شاكر

هاني شاكر، لم يجد ما يُصلحه في الوسط الفني المصري، سوى تنانير الفنانات وفساتينهنّ، بدل أن يلتفت قبل كل شيء للمصائب التي تحلّ بالفن المصري منذ الثورة وحتى يومنا هذا، وبتدني مستوى الإنتاجات المصرية وتراجع مكانة الأغنية المصرية. فبدل أن يحاول، مع أعضاء نقابته، استعادة مكانة مصر في الحفلات والمهرجانات الكبرى، وفي غزارة وقيمة الإنتاجات الغنائية، أراد أن يسجل موقفاً بطولياً يخدم الأصوليين في تطلعاتهم بأن يلاحق الفنانات تماماً كالمطاوعين، شؤون الفنانات، فيمنعهن من ارتداء ما يرينه مناسباً، ليس فقط في الحفلات التي له سلطه عليها، بل حتى في البرامج التي تخضع لرقابة المحطات لا النقابات، كما الكليبات!

شاكر الذي تم تسريب قراره الجديد عبر مختلف وسائل الإعلام المصري، يريد محاسبة الفنانات على ما ترتدينه!

السؤال المطلوب إجابة واضحة عليه: من الذي يحدد معايير الجرأة في اللباس؟ ومن الذي يجزم، في إطلالة كل فنانة، في مسألة كون لباسها يعد عرياً أو جرأة أو يصنف ضمن إطار العادي؟

هاني شاكر

ألا يمكن أن أرى لباس إحداهن محتشماً وعادياً، ليراه شاكر Over مثلاً؟ ألا يفتح قراره هذا الباب أمام كل من يريد الانتقام من فنانة، أن يتهمها بالتعري، ويتقدم بشكوى لمنعها من الغناء، بينما يكون فستان الفنانة مفتوحاً مثلاً عند الصدر، أو بعض الشيء عند الظهر، أو قد يكون قصيراً لما فوق الركبة بقليل؟

والسؤال الأهم: هل تنحصر مسؤوليات هاني شاكر في مراقبة مخلوقات الله، وفرض شروط على لباسهن، وترهيبهن وقطع باب رزقهن فيما لو ارتدت إحداهنّ فستاناً مغرياً يليق بأنوثتها؟

ردود الفعل الرافضة لأخونة الفن في زمن هاني شاكر، جعلته يخرج ويصرح في إحدى وسائل الإعلام المصرية، في شبه تراجع عن قراره، قائلاً: (لم نتخذ في اجتماع النقابة الأخير، أي قرار يتعلق بمنع المطربات المصريات، أو العربيات من الغناء، أو توجيه إنذارات لهن في حالة ظهورهن بملابس غير محتشمة، النقابة لا سلطة لها، وكل ما دار في الاجتماع، هو أننا نرجو ونناشد أعضاء النقابة، بالظهور بملابس تليق بعاداتنا وتقاليدنا التي تربينا عليها، لأن الفن المصري هادف وراقي منذ قديم الأزل).

هاني شاكر وزوجته

تبرير شاكر، يجعل قراره باطلاً، ويحوله إلى تمني بأن لا تتخطى الفنانات حدود اللياقة في إطلالاتهنّ، فيصبح رأيه في إطار التمني لا الإجبار، ما يعني أن الأخير تراجع عن إصدار أمر ينصبه أميراً على خلية أو سرية متشددة، بدل أن يكون نقيباً للموسيقيين، علماً أن ما قاله عن أن مصر تقدم الفن الراقي منذ الأزل، ليس صحيحاً، خصوصاً وأن الفنون تختلف في أشكالها وأنماطها، فبعضها يكون ملتزماً وبعضها الآخر يهدف إلى المتعة أي من النوع الخفيف وهو من أنواع الفنون الصعبة والتي يسميها الغرب بالـ Entertainment. 

كلنا نتذكر كمّ الأفلام المصرية الجريئة جداً، التي كنا نشاهدها أيام الأبيض والأسود، والتي كانت بعض مشاهدها تصنف ضمن فئة الـErotic، وشارك فيها نجوم كبار من مصر وسوريا ولبنان.. أليست هذه الأعمال من روائع الفنون المصرية التي ساهمت بجعل مصر هوليود الشرق.

هاني شاكر

تراجع هاني يكون أفضل له وعليه أن يبتلع كل ما قاله من تبريرات وأن يخجل من الاعتراف بأنه ناقش شكل إطلالة الفنانة في مصر خصوصاً وأن لا داعي لذلك ونجمات مصر هن شيرين وأنغام وأمال ماهر وغادة رجب “ومين بعد”. هل هاته المغنيات لفتن انتباه هاني بلباسهن غير المحتشم مثلاً فقرر أن يقرر بشأنهن ويناقش في تنانيرهن؟

هو محق فقط إن أراد أن يحارب ظواهر الانحراف والفجور في الفن المصري، خصوصاً كالتي شاهدناها مؤخراً في أغنيات وكليبات كـ (أحمد الشبشب ضاع) وغيرها والتي تتضمن إيحاءات جنسية ومشاهد رخيصة، لكن أن يضع دستوراً لفستان وتنورة، فهو أمر معيب حقاً، ويستحيل أن يُفرض في بلد عظيم كمصر، فيها كل أشكال الناس باختلاف انتماءاتهم وأفكارهم ومستوياتهم وأذواقهم.. مصر أم الدنيا والدنيا تتسع لكل المظاهر والأذواق.. ليت النقيب يريحنا من تطلعاته لأن مصر لنا نحن اللبنانيين قبله هو!

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار