نوال بري
نوال بري

يبدو أنّ مزاج المراسلة «الشاطرة» والذكية والمجتهدة، والتي نعتبرها واحدة من أهمّ المراسلات في التلفزيون اللبناني، نوال برّي، لم يكن مناسباً لتطلّ على الشاشة لتنقل من خلالها رسالتها إلى بيوتنا حول اعتصام في بيروت، فأطلّت مساءاً على جمهور المحطة التي انتقلت إليها حديثاً Mtv، خلال نشرة الأخبار، لتنقل رسالة مباشرة من الأرض، وارتكبت خطأً لا يليق باسمها ولا بمهنيتها وشطارتها وهي التي «تطحش» لتسحب الـScoop من فم التنين حتى..

نوال برّي خلال تغطيتها لأحداث سبقت عندما كانت مراسلة لمحطة (الجديد)
نوال برّي خلال تغطيتها لأحداث سبقت عندما كانت مراسلة لمحطة (الجديد)

نوال بدت بمزاج سيء جداً، حين أطلّت على الهواء وبدأت تروي، فصُدمت بارتفاع صوت المحتشدين خلفها من معتصمين، وارتفاع وتيرة هتافاتهم وشتمهم للرئيس نبيه برّي، في محاولة لاستفزازها مردّدين: «كبير العيلة حرامي»، ما يُعتبر متوقعاً، خصوصاً أنّ هؤلاء المعتصمين يستغلّون النقل المباشرعادة، لينقلوا أجواء اعتصاماتهم وليشتموا بالزعماء والسياسيين، واستغلوا وجود نوال أمامهم ليستفزوها ويستفزوا الرئيس برّي، وبالتالي ما حصل على الهواء، لا يحصل للمرة الأولى، ولا اختبرته نوال لأول مرّة، لكنّها هذه المرة لم تحتمل شتم أحد أقاربها، وعدم قدرتها على التركيز وعلى رفع صوتها لنسمع نحن من نقبع أمام التلفزيون ما تريد نقله، فقررت أن تنسحب عن الهواء وتقطع رسالتها، مردّدة: «بعتذر بدّي إقطع الرسالة، لأن شكلهن هول زعران، مش معتصمين»!

نوال بري من أقوى المراسلات وأكثرهنّ اندفاعاً وشغفاً للمهنة
نوال بري من أقوى المراسلات وأكثرهنّ اندفاعاً وشغفاً للمهنة

نوال هذه المرّة سقطت في فخّ اللا مسؤولية، وتركت الشاشة التي تعمل فيها، فارغة من أي مضمون قد يهمّ الكثيرين ممن يتابعون الأحداث الحاصلة، وقررت بسبب انفعال عدد من الشباب المعتصم، أن تتوقف عن الكلام وترجع إلى البيت.. هكذا بكل بساطة، دون أن تقوم بأي جهد، كأن تتغاضى عن ما تسمعه بحق قريب لها وتلتزم بمهنيتها وتجرّدها من أي انتماء أو مرجعية، كما كأن ترفع صوتها قليلاً، أو تغيّر مكان نقلها للرسالة، أو تحاول الابتعاد قليلاً عن مكان تجمّعهم، وهي على الهواء مباشرة، برفقة الكاميرا، لتتمكن من أداء واجبها المهنيّ. ما يعني أنّها أدبتنا نحن كمشاهدين بدل أن تؤدّب المعتصمين.. «فطلعت براسنا».

على الأرض دائماً ما تهتمّ نوال بري بأدقّ التفاصيل
على الأرض دائماً ما تهتمّ نوال بري بأدقّ التفاصيل

ما فعلته نوال، من خلال اتخاذها قراراً خاصاً بالانسحاب وترك الشاشة للناس على مبدأ «دبّروا راسكن وجيبوا المعلومات»، يعني أنّها تطلب منّا صراحة أن ننقل إلى محطة أخرى لنعرف ونكتشف ونفهم، حيث المراسل لا يترك الهواء، ولا يترجم انزعاجه من الشباب في الشارع، بأن يحرم مشاهدي المحطة من الحصول على المعلومة.

عندما كانت نوال برّي ما تزال مراسلة لصالح قناة (الجديد)
عندما كانت نوال برّي ما تزال مراسلة لصالح قناة (الجديد)

ما حصل مع نوال، حتماً أربك المحطة والمسؤولين عنها، ولا شكّ أنّه سيربك نوال نفسها أيضاً، لأنّه يعرضها لفقدان ثقة من أعطوها الثقة، لتقف أمام الكاميرا لتحكي باسمهم، هذا رغم أنّها صاحبة اسم ليس بالسهل في عالم النقل المباشر، وهي أيضاً شخصية حاضرة وقوية وجبّارة ومقاتلة، وصبية تعشق عملها وتبذل ما بوسعها لتتميّز عن بنات مهنتها، وهذا ما فعلته سابقاً، وعليها أن تستمرّ فيه.

نوال بري
نوال بري

ما حصل مع برّي، جعلها عُرضة للانتقاد والشتم والإساءة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أنّه علينا أن لا ننسى، أنّ المراسل الذي نشاهده على الهواء، هو إنسان أيضاً، وكما نحن قد لا تكون لدينا الرغبة للعمل أحياناً، أو كما قد نعاني من ألم أو تعب أو إرهاق أو هبوط نفسيّ أو حالة من اللا رغبة في الإنجاز، يُمكن للمراسل الذي هو بشريّ أىضاً، أن يمرّ بنفس الحالات، وأن ينتج عن هذا الإحساس تقصير في العمل أو استلشاء به!

غلطة الشاطر بألفٍ، لا شكّ.. ونوال أهم من أن تقع في هذا الفخّ، لكنّها كبوة جواد.. ولكل جواد كبوة!

علاء مرعب

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار