صادفني إعلان لمسرحية بعنوان (قفص) لـِ جومانا حداد المعروفة بكتاباتها الجريئة، أو فلنقل الإباحية، لأنّها لا تكتب غالباً إلا عن الجنس، وهي التي كانت أسست مجلة بعنوان (جسد) تحكي الجنس وتصوّره بكل أشكاله، ورغم جرأتها الكبيرة إلا أنّها توقّفت عن الإصدار بعد أقل من سنة ونصف (على ما أعتقد) لأنّها لم تجد مكاناً لها في السوق.
جومانا حداد نفسها كتبت كتاباً بعنوان (قفص) قبل فترة، وأصدرته في الأسواق، فهرعتُ لأشتري نسخة وأقرأ ما تطرحه حداد فيه، لأتفاجأ بفكرة عامّة جميلة جداً تتمحور حول تعلّق كل شؤون المجتمع بمهبل المرأة خصوصاً، وبالجنس عموماً، ولكن بأسلوب عاديّ وصياغة أقل من عادية ومعالجة ضعيفة جعلتني أغلق الكتاب وأضعه على الرفّ قبل أن أكمل قراءة ٥٠ صفحة منه.
هذا الكتاب تحوّل إلى مسرحية الآن، سيبدأ عرضها قريباً، بدءاً من ٤ أيلول، مساء كل أحد وإثنين على خشبة مسرح (مترو المدينة) في شارع الحمرا، بيروت، وهي إخراج لينا أبيض وإنتاج نور معتوق.
لا نعرف كيف ستكون المسرحية، وإن كانت ستخرج على شكل الكتاب، أي سطحية ولا شيء في حواراتها سوى الكثير من الكبت والإباحية غير المبرّرة، ولكن ما لفت انتباهي في الإعلان هو اعتماد صورة مهبل امرأة، بشكل غير مباشر ولا واضح، وذلك من خلال تجسيده بصورة حقيبة يد نسائية صغيرة، ترتبت وتم تصويرها لتبدو تماماً كشكل المهبل!
الفكرة ذكية لا شكّ، لكنّ تجسيدها وعلى بساطته وعدم وضوحه، جاء وقحاً بعض الشيء.
أما ماذا يقول القيّمون على العمل في إعلانهم، قيكتبون التالي: (نحن في غرفة انتظار في عيادة طبيب نسائي. خمس نساء يفضفضن ويتشاركن قصصهنّ. تتداخل الأصوات والقصص حتى نعود لا نفرّق بينهنّ أحياناً. نسمع تارة صرخات لمى العزباء أو العانس، وتارة غضب زينة المنقبة التي أجبرت على العيش في تابوت كما تقول، وأيضاً اعترافات هبة المومس ويارا المثلية وعبير السمينة. بطلات (قفص) الخمس هنّ ضحايا الخبث والجهل والجبن التي تنخر الكثيرين والكثيرات من أبناء مجتمعاتنا، وتنخر معها الكثير من البنى العقلية والمؤسسية والنقدية.
ليس ثمة حاجة للبحث عميقاً لكي نجد قفص المرأة العربية: إنه بين فخذيها.
المجتمع يختصرها به و يسجنها فيه).
هل نذهب لنشاهد قفص جومانة حداد وحكايتها مع المهبل أم نكتفي بما قرأنا من كتابها ومللنا، ونبحث عن سبل أخرى لنحرّر مجتمعاتنا من عملية أسرهم بالجنس وأعضائه؟
علاء مرعب