مايا دياب (1)

إنها المرة الأولى التي أشاهد فيها فيديو كليب عربي، فأعض على شفاهي خجلاً، ثم أحك رأسي لاويةً رقبتي حرجاً، أمام القبل ومشاهد الجنس الواضحة جداً بين مايا وزوجها في فراشهما في غرفة النوم. وكدت وأنا أشد حاجبي عابسةً اعتراضاً أن أقول “عيب مايا” إلى أن تطل حضرتها على الشارع العام بكامل ثيابها وتصدمها السيارة وترديها ميتة فأرتجف خوفاً وتتجمد الدمعة في عيني وأكاد أردد.. “لتفعل مايا ما تشاء لكن لا تموت قتلاً هكذا حرام”!

بين لحظة وأخرى وفي سياق درامي بالغ الذكاء، انقلبت على نفسي وأيدت العيب (ممارسة الحب) ضد الموت والجريمة. هذا ما فعله المخرجة أنجي الجمال في قصة فيديو لأغنية مايا الجديدة (اغمرني وشد).

مايا دياب (10)

المشاهد الأولى من غرفة النوم كانت لتأتي رخيصة لولا توضيفها لصالح القصة في سياقها الدرامي أو القصصي. وهذا ما يشفع لأي عمل درامي في أن يقدم ما نفعله في السر ونرفضه في العلن، ولم تعتد عليه عيوننا عبر مشاهد علنية لأننا ورثنا ثقافة الجريمة ولأننا نصفق للبطل القادر على قتل فريق كامل من البشر ونستحي من قبلة بل ونلعن العشاق ونصفهم بالكفرة والعهرة.

نصفق لشلالات الدم حين تُهدر من عدونا، ونندب ونلطم حين يهدرها عدونا فينا، ولا نفعل شيئاً غير الاستنكار أو الأخذ بالثأر.. أما أن نعيب على المجرم فهذا لا نعرفه وليس من مفرداتنا ولا جزءاً من سلوكياتنا ولا من ثقافتنا.

مايا دياب (9)

نحن شعوب عربية ومسلمة تدين الحب وتؤله الجريمة.

ولا أقول أن المشاهد الأولى من فيدو مايا كان سيكون مرحباً به لولا أنه كان ضرورة درامية ليكتمل المشهد العام الذي يؤلف صياغة كاملة للحكاية.

مايا ومخرجتها قدما عملاً رائعاً نادراً ما نراه في فيديو عربي، لعجز المخرج العربي عن تقديم الدراما أو القصة في الفيديو، وهو إن فعل فتأتي حكايته غير مفهومة أو تجريدية لعنة فكرية يعاني منها تاريخياً أو لأنه لا يوزع العمل كأن يطالب بكاتب سيناريو مثلاً!

نادراً ما نشاهد حكاية في الكليبات العربية إلا إذا استثنينا إليسا التي أبدعت في تقديم كليبات تضمنت قصصاً تعالج قضايا ملحة من صلب حياتنا.

مايا دياب (5)

تعود مايا من الموت لكن مشلولة القدمين ويخرجها زوجها من المستشفى فيضعها على الكرسي المتحرك ويضمها إلى قلبه وتشعر أنك تريد التصفيق لنهاية ليست Happy End بل نهاية أخلاقية تحمل في طياتها رسالة ترشيدية لا خطاباً ولا نصائح ولا إصبعاً مرفوعاً يهدد ويتوعد.

مايا دياب (6)

لعل تجربة مايا إلى جانب بعض التجارب القليلة في الفيدو كليب تكون مِشعلاً لصناع الكليب كي يقدموا لنا قصصاً أو رسائل في أعمالهم وكي يبقى الفيديو في الذاكرة، وكي لا يكون عرضاً ممجوجاً مكرراً تخجل منه الدراما ويسخر منه المشاهد.

برافو جداً أنجي الجمال وبرافو أكثر لمايا الذكية ولو كما تعبتما كي تخرجا من الـ Box

نضال الأحمدية

مايا دياب (4)

مايا دياب (8)

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار