إدارة الموقع لا تتدخل في رسائل أهل السلطة لا في الشكل ولا في المضمون ولا اللغة.. نرجو من القراء الكرام احترام النص في شكله على الأقل ولا نجبر أحداً على إتقان اللغة، لكن الشكل لا يحتاج إلا لشياكة فقط.

لقد لفت الإعلان عن هذا المؤتمر إهتمامي لسببين. أولهما، عنوان المؤتمر، أي (كلنا للعِلم)، وثانيهما، تصنيف المؤتمر، أي التربوي (الأول).

في عنوان المؤتمر. لقد ربطت شعار (كلنا للعلم) بتعبير (كلنا للوطن – النشيد الوطني اللبناني) الذي ننشده جميعاً كلّما التقينا، ويرتكب بعضنا الكبائر والمعاصي موغلاً بفعل كلّ ما يتناقض مع مفاهيم الكرامة الوطنية وبما يفتّت المواطنة حيناً، ويجغرفها ويمذهبها ويطيّفها ويلبسها رداءً دينياً على هواه أحياناً أخرى، ممّا أوصلنا إلى حيث نحن من المعاناة والتخلّف الإنساني، السياسي، الإقتصادي، الإجتماعي، العلمي، الأدبي، الثقافي، الحضاري، إلخ..

الوزير الياس بو صعب

أمّا في تصنيف المؤتمر. أوحى لي تصنيف المؤتمر على أنه التربوي (الأول)، بأنه يختزن رغبة في (خطف الكاميرا) وتصويبها حصرياً نحو مؤتمر حدث (يشطب) ما قبله من المؤتمرات التربوية الكبرى التي تعقد سنوياً في لبنان وتتناول شؤون التعليم وشجونه ومآسيه (وفضائحه أحياناً)، وبالتالي هو (فوق المنافسة)، لأن قطار التطوير التربوي يأبى الإنطلاق إلاّ منه، دون سواه من المؤتمرات.

أرجو مخلصاً لهذا المؤتمر أن يكون:

• (الأوّل) في تجديد الرؤى والسياسات التربوية – التعليمية والأبحاث والمواصفات والمعايير والمناهج وطرائق التدريس والتقويم، لينتج منظومة تعليم القرن الحادي والعشرين الضرورية لبناء مجتمع لبناني يليق بـ (كلّنا للوطن) و”راجع راجع يتعمّر .. راجع لبنان”، كما يليق بحسن كامل الصّبّاح وجبران وفيروز والرحابنة ووديع ونصري والشحرورة وفؤاد شهاب وأمين معلوف ورمّال رمّال وزغلول الدامور وزين شعيب وطليع حمدان وأنطوان حرب وكارلوس غصن والكثيرين الكثيرين من أحرار وطني ومبدعيه وبناته.

الياس بو صعب

• (الأوّل) في تحديد مواصفات القيادة والحكم الرشيد لتطبيقها على مستوى الوزارة أولاً، والجامعة والمدرسة والمعهد والحضانة، بما يلبّي المتطلبات الوطنية، سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً.

• (الأوّل) في تحويل المدرّس-الملقّن إلى مسهّل-مدرّب-متعلّم دائم”وتحويل غرفة صفّية تحدّها جدران و مبانٍ إلى بيئة – شبكة تعلميّة لا حدود لها، تزخر بالموارد المتنوّعة الداعمة للتعلّم والتعليم، تواكب كلّ متعلّم إلى حيث تكون المعرفة التي يحتاجها.

• (الأوّل) في بناء جسور تواصل القطاعات التعليمية وتعاونها وشراكاتها مع أولياء الأمور والمجتمع وأسواق العمل ومشاريع البحث العلمي في الوطن وخارجه.

• (الأوّل) في حماية التعليم والمتعلّمين بأدوات مساءلة القيادات التربوية قبل غيرها من القيادات، عن دورها في إنجاز هذا الإهتراء المجتمعي المذلّ، وعن هذا التقهقر في مجتمعات منارة الشرق وتفسّخها وتفتتها وإنحطاطها وهبوطها خمسة عشر قرناً جاهلياً، بينما اتحدت واندمجت وتشاركت مجتمعات صديقة خلال خمس عشرة سنة من أجل إضاءة منارات القرن الحادي والعشرين.

بصفتي مواطن معني بتعليم أولادي الذين ما زالوا على مقاعد الدراسة، ولأنني جرّدت نفسي من أي انتماء سياسي، عقائدي، حزبي، إصطفافي، إلخ.. لن أسأل القيّمين على الوزارة عن مصير توصيات جميع المؤتمرات التربوية السابقة، ولا عن خطّة النهوض التربوي ولا عن الإستراتيجيات التربوية المرتبطة بمشروعي الإنماء التربوي (الأوّل والثاني) ولا عن الدراسات الممهورة بمئات الملايين من الدولارات وبالخبراء والإستشاريين والمستشارين المقاولين، ولا عن المسؤوليات في ما وصل إليه التعليم الرسمي على وجه الخصوص. بل سأكتفي بطرح السؤال البسيط، لعله يطمئنني ويساعدني على فهم مغزى مؤتمر (كلنا للعلم)، التربوي (الأوّل):

الوزير الياس بو صعب

هل سيشكّل مؤتمر (كلنا للعِلْم) محاولة متأخّرة لإعادة (طهي) وجبة مبادىء (التعليم للجميع) الصادرة عن منظّمة الأونيسكو في نهايات القرن الماضي، أم أنه سيسهم جدياً بتطوير (تعليم القرن الحادي والعشرين) الذي ينتج مخرجات تعليمية معترف بها عالمياً؟، أي:

• تعليم يعيد هندسة (أدمغة) أولادي ويحوّلهم من (طلبة) يلهثون خلف (الشهادات-إفادات النجاح) إلى (متعلّمين) يبحثون عن المعرفة حيناً ويصنعونها أحياناً.

• تعليم يجهّز أولادي للمهن الجديدة التي تبرز تباعاً (على غرار الـ 30 % من المهن الحالية التي لم تكن موجودة أصلاً قبل خمس سنوات من الآن)، والتي لن يجد مكاناً له في سوق العمل كلّ من لا يمتلك مهارات القرن الحادي والعشرين، أي مهارات القيادة الذاتية وصناعة القرار والعمل باستقلالية، والتعاون والعمل بروح الفريق والتفكير النقدي والتخطيط وحلّ المشكلات، والتكيّف والمبادرة، والتشبيك والتواصل والتفاعل من خلال التنوّع الثقافي بقضايا الكون واللغات والفنون وتكنولوجيا المعلومات والإعلام والإعلان، إلخ..

الياس بو صعب

إنني أدعو من يريد تطوير واقع التعليم في لبنان، إلى عدم بعثرة جهوده بخطف كاميرات، خارج إطار التربية والتعليم العالي، والإبتعاد عن أساليب أسلاف تسبّبوا بانحدار التعليم (تضارب مصالح ومداخلات سياسية في شؤون التربية والتعليم، وربما أكثر من ذلك بكثير مما أتحفّظ عن ذكره، إلخ..)، كما أتمنى للقيّمين على هذا المؤتمر توصيات ناجحة، تجيب عن الأسئلة والتساؤلات والمخاوف وتثمر مشاريع تربوية – تعليمية شفّافة، نظيفة، طاهرة، معقّمة، حلال، مطابقة للمواصفات وصالحة للإستثمار في الوطن عزّة وكرامة وحكماً رشيداً وتنمية مجتمعية.

(كلّنا للوطن.. للعلى للعلم)

طعان شعيب

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار