الـ  workaholic يعتبر يوم العطلة كالجحيم

أكثر المعرَّضين للإدمان على العمل هم الشيوخ والكهنة ومدراء الشركات

ازدادت نسبة الإدمان على المخدّرات والتسوّق والعمل والإنترنت

ممارسة نجوى كرم للرياضة بشكل يومي ولثلاث ساعات مبالغ به!

 المصابات بالبوليميا مهووسات بالنحافة  
على كاظم الساهر عدم التمادي حتى لا يصبح مهووساً
إن لم ينتبه عمرو دياب فسيدمِّر ما تبقى له
 

من همّهم الوحيد الإطلالة بمظهرٍ شاب معرّضون للإصابة بالــBBD المصابة بالـAnorexia ترى نفسها في المرآة سمينة ووزنها أقلّ بـ ٨٥٪ من وزنها الطبيعي 

لِيا صوايا حصلت على ماجيستير من جامعة الروح القدس/الكسليك كأخصائية في علم النفس العيادي، وديبلوم في المعالجة النفسية المعرفية السلوكية من جامعة القديس يوسف/بيروت، وتدرَّجت في قسمٍ في مستشفى Sainte Anne  في باريس لمعالجة مرضى إضطرابات الأكل مثل الــAnorexia والBulimia والمدمنين على المخدرات، وتعمل حالياً في  لبنان في مركزٍ يُعنى بتأهيل المدمنين على الكحول والمخدرات. 

أنتِ مختصّة بكافة أشكال الإدمان؟

– نعم، لكن في لبنان لا توجد مراكز مختصّة للمساعدة على معالجة إضطرابات الأكل مثل الـAnorexia والـBulimia. 

ما هو الـAnorexia

–  الـAnorexia نوعان: الـRestricting type حيث تمتنع المرأة نهائياً عن تناول الطعام، والـBinge eating- purging type حيث تتناول كمية قليلة من الطعام لكن تشعر بالذنب، فتلجأ إلى التقيأ كالليدي ديانا أو إلى تناول Laxactif لتسهيل المعدة، وتعمل بجهدٍ على إزالة الماء من جسمها، فتدخل المستشفى بسبب الجفاف.

ما عوارض الـAnorexia؟

– العوارض تبان على من تمتنع عن  تناول الطعام لإدمانها على فكرة أنها قد تكسب وزناً رغم أنها نحيلة، لكنها ترى نفسها في المرآة سمينة، فتمتنع تقريباً عن تناول الكثير من الأطعمة، تمارس الرياضة لأكثر من ساعتين يومياً وأحياناً لساعات أطول، ولا  يمرّ يوم دون رياضة. تتناول أدوية لإنقاص وزنها، وفي العادة تكون أقلّ بـ ٨٥٪ من وزنها الطبيعي، يعني إن كان معدل وزنها ٦٠ كلغ، فهي تنحف لتصل إلى ٥١ كلغ، فيضعف نظام المناعة عندها، وتصبح معرّضة لشتى الأمراض، وتتوقف عادتها الشهرية، وتصبح باردة جنسياً. وبعد مرور ثلاثة أشهر على انقطاع الدورة، تصبح مصابة رسمياً  بالـAnorexia.

نجوى كرم تمارس الرياضة ٣ ساعات يومياً دون توقّف؟

– ممارستها للرياضة بشكل يومي ولثلاث ساعات مبالغ به جداً، لأنه يمكن أن تحصل على النتيجة نفسها من ممارسة الرياضة ٣ مرات في الأسبوع فقط.. لكن قبل أن أحكم عليها، أحتاج أن أعرف قابليتها على الطعام، وما نوعية ما تأكله؟

تأكلُ بشكلٍ طبيعي..

– إذاً على السيدة نجوى كرم أن تخفِّف من ممارسة الرياضة، كي لا تذهب إلى مُجافاة الطعام، وتتعرّض بالتالي للإصابة بالـAnorexia

هل يُصاب الرجل بالـ Anorexia؟

– نعم، لكن بنسبة أقل.

ما الدوافع التي توقِع الرجل في هذا الخلَل؟

– علينا أن نعود إلى مرحلتَي الطفولة الأولى والمراهقة، لنعرف ما الصورة التي طبعها الآخرون من عائلته، أقاربه وأصدقائه عن شكله الخارجي.. فإن لاموه مثلاً على سمنته في صغره، عندما يكبر ترتدّ هذه الفكرة عكسياً عليه، فيصبح مهووساً بجسمه، وهنا لا نتكلَّم عن الأنوركسيا بل عما يسمّى بـِ

Reverse anorexia -body dismorphic disorder-BDD ويتجلّى في رغبة الرجل في إبراز عضلاته بشكلٍ هوسي.

¯ ما قصة العضلات؟

– لا تكتمِل ثقته بنفسه إلا مع ازدياد حجم عضلاته، «بتصير شغلتو وعملتو عضلاتو»!

¯ نجوم كبار يمارسون الرياضة لأكثر من ساعتين يومياً ويحرصون على ممارسة الـBody Building، فهل يُعانون من الـBBD؟

– ممكن، لكن علينا أن نعرف إن كانت الرياضة هي الأساس في حياتهم، ويفضِّلونها على كل أنشطتهم اليومية، وهل تأتي في أولويات حياتهم حتى قبل العمل والعائلة؟!

¯ ربما في حالة النجوم، لأنهم حقا يتقدَّمون بالسنّ، أو يعتقدون ذلك، فيخافون من الترهّل.

– لا يُمكنني أن أحكم، لأني أريد معرفة طريقة عيشهم الآن وسابقاً، وطريقة طعامهم، عملهم وحياتِهم الخاصة.

¯ حين بدأ نجومٌ أعرفهم بالتلهّي بهذه الأنشطة، أصبح اهتمامهم بعملهم موسمياً، وتراجع بريقهم.

– حاولي أن تمدحيهم وراقبي نظراتهم وملامحهم، لتتأكّدي من إصابتهم أو لا بالـ

BDD

¯ تقريباً معظم النجوم الذين تخطواّ الأربعين يهتمّون بأجسادهم، فهل كلّهم مُصابون بهذا الخلَل؟

– ليس بالضرورة، لكن إن تراجعوا فنياً أو أصبحوا مهمِلين لأمور الفن والشهرة، وهمّهم الوحيد الإطلالة بمظهرٍ شاب، فإذاً هم معرّضون للإصابة بهذا الخلل. 

¯ عمرو دياب وكاظم الساهر يمارسان الرياضة يومياً ويهتمّان كثيراً بشكل جسمَيهما ولو بدرجة متفاوتة بينهما؟

– إستناداً إلى سنّ عمرو دياب وصورة غلاف ألبومه الأخير، والتي أظهر فيها عضلاته بشكل  واضح، وكذلك ملابسه (قمصان بل أكمام) واستناداً إيضاً إلى الإعلان التلفزيوني لإحدى ماركات المشروبات، والذي ظهر فيه كشاب في العشرين يقوم بحركات رياضية قاسية كالـpush up وغيرها، فأحلِّل أنّ عمرو في أول مراحل الخلل أو الإضطراب الـBDD وإن لم ينتبه، وانغمس في  الإهتمام بجسمه وأهملَ فنّه، فسيدمِّر ما تبقى له من مستقبل فنّي، ويتحوَّل إلى كتلةِ عضلات. وبالمقارنة مع كاظم الساهر، فكاظم لم يصل إلى مرحلة عمرو دياب، ولا يشبهه بطريقة ملابسه، وأظنّ أنّ كاظم يمارس الرياضة ليتفادى الترهّل ويحافظ على رشاقته، لكن عليه عدم التمادي في ممارسة الرياضة، حتى لا يصبح مهووساً بشكله.

¯ ماذا عن البوليميا، ما هي عوارضها؟

-البوليميا نوعان: الــPurging type حيث تأكل المرأة بشراهة لساعتَين متواصلتين يومياً ولمرّتين في الأسبوع، وتتناول أدوية منحِّفة، والــNon- purging type حيث تأكل بشراهة لساعتين متواصلتين يومياً ولمرّتين في الأسبوع، ولا تتناول أي أدوية منحّفة، وفي العادة تكون غير نحيفة «بس معبّاية»، لكن لا يجب أن نخلط بين البدينة العادية ومريضة البوليميا.

¯ من يعانين من البوليميا، لِمَ يأكلن كثيراً؟

– إنه أسلوب تعويضي نفسي وعاطفي، والمصابات بهذا المرض يأكلن عادة أي شيء أمامهنّ، ولا يطلبن نوعاً معيِّناً من الطعام.

¯ تحصل هذه الحالة لدى الرجال والنساء؟

– هذا الخلل شائع أكثر بين النساء.

¯ كنتُ في السادسة عشرة من عمري سمينة، ثمّ خسرتُ أكثر من ٢٢ كيلوغراماً خلال أشهر قليلة، ومذاك لا أرغب بالأكل، ولا أشتهي شيئاً، وحين أجوع آكل أي شيء، فهل أنا مُصابة بالبوليميا؟

– لا، لأنّ المصابات به مهووسات بالنحافة. 

¯ كيف أعرف أنّ فلانة مريضة إن التقيتها؟

– إن جلسَت إلى الطاولة، فلن تتناول الطعام بل ستبعده من أمامها، تدعوكِ إلى العشاء وتقنعكِ بأنك نحيفة وتحاول أن تطعمكِ وتتفرّج عليكِ، وكأنها تطلب منكِ أن تتناولي الطعام عنها. 

¯ هذه العوارض تنطبِق على كثيرات، ما يعني أن مجتمعاتنا العربية باتجاه حالة مرضية عامة.

– (تؤشّر برأسها موافِقة): نعم.

¯ خمسون عاماً من الحكم العربي صنّع ٤٠٠ مليون مريضاً عربياً، فإذاً كانت الأسباب المؤدّية للأمراض هي إضطراب العلاقة بين الأهل وأولادهم وبين السلطة والشعوب، فكلّنا مرضى؟

– هذا تحليلك السيكوسوسيولوجي ولا أعترض عليه، ونلاحظ أنّ أعداد المصابين باضطرابات الأكل بدأت تزداد، وصرنا مثلاً نرى بشكل لافت شباناً مفتولي العضلات، كما ازدادت نسبة الإدمان على المخدّرات، التسوّق، العمل والإنترنت.

¯ أعمل كثيراً، فهل أعاني من إدمانٍ على العمل؟

– حين تعملين لساعات طويلة، هل تفكّرين أنك تعملين بهذه الطريقة ليكون إنتاجكِ أكبر؟

¯ طبعاً، أفكّر دائماً كيف أرفع مستوى الإنتاجية؟

– كم ساعة تعملين يومياً؟

¯ ٢٤ ساعة.

كم ساعة تنامين؟

– أحياناً لا أنام، وأحياناً أخرى يتعب جسمي، فأنام دون حساب ولساعات..

هل تشربين القهوة لتبقي مستيقظة؟

– أتناول القهوة قبل الظهر فقط.

هل تنسين أحياناً تناول الطعام؟

– نعم، لا أفكّر بالطعام ولا يهمّني.. هل هذا ميل للكمال، أم تغطية على أمراض نفسية أعاني منها، أم أني مدمنة عمل أي workaholic؟

نطرح حول كلمة الكمال علامة استفهام، فكلنا نريد إنهاء واجباتنا، لكن من يولون العمل أهمية كبرى يميلون مع الوقت للإدمان عليه. وفي حالتكِ،  علينا أن نعي أنّ الصحافة ليست مهنة بل أسلوب حياة، وهذا ما يبرِّر عدم إصابتكِ بالمرض، رغم أنكِ تعملين لساعات طويلة.

– العمل الإبداعي يحتاجُ إلى وقت ليُنجَز، كما في حالة النجوم الذين يدخلون الاستوديو لتسجيل أغنياتهم، فيعملون لساعات طويلة دون نوم!

– لكنّ الفنان لا يعمل على هذا المنوال إلا لفترة معيّنة من السنة، بينما المدمن على العمل/workaholic يعمل بنفس الطريقة طيلة أشهر السنة الـ١٢

¯ نحن نُصدِر عدداً أسبوعياً ونحتاج للعمل اليومي.. 

كم عدد أعضاء فريق العمل؟

– كثر.

كم تحملين من مسؤوليات؟

¯ أنا القائدة، وأسألكِ ليس لتبرئيني من المرض بل من باب عرض الرأي.. عندما تكونين في قلب المعركة، لا يمكنكِ أن تسألي: كم ستستمر الحرب، بل ستقولين أنك بمواجهة العدو، وإن أغمضتِ عينيك للحظة فسيجتاحك، وهكذا عملُنا، يحمل الكثير من التحدّيات!

– ماذا عن التزاماتك الأخرى؟

¯ لا أقصّر بشيء، أهتمّ بجمالي ودلالي، أخرج لكن ليس كثيراً وأمارس الرياضة وأسافر وأعبَث.

– إذاً أنتِ تهتمّين بنفسك؟

¯ نعم، وأصفِّف شعري وأتبرَّج وأرقص وأغنّي.

-إذاً أنتِ لست مريضة، فمن تعاني من الإدمان على العمل، تهمل شكلها الخارجي.. «بيكونوا مكركبين وكل شي عندن مش ظابط» وأنتِ لست كذلك. وفي حال وفاة أحد أقرباء المدمن على العمل، فهو لا يترك حتى عمله ليودِّع قريبه، متحجِّجاً بالمسؤوليات.

¯ يعني أنا بخير حتى الآن؟

– طبيعة عملك تتطلّب شيئاً من الكمال، ومجهوداً أكبر، لكنكِ لست workaholic، ربما في العشر سنوات المقبلة تصبحين كذلك.

¯ أنا على هذه الحال منذ ٢٢ سنة.

– إذاً لستِ مريضة وقطعتِ مرحلة الخطر. ماذا تفعلين يوم العطلة كالأحد مثلاً؟

¯ أكتب لوحدي..

– الـworkaholic يعتبر يوم العطلة كالجحيم لأنه  يشتاق للعمل ويشعر بالفراغ دونه، لذلك يقلق ويُزعج من حوله.

¯ ولو خرجتِ بنتيجة أني مريضة، لكنت سأنشر ذلك، وهذه رسالة لكلّ الناس، كي يعرضوا ما عندهم ولا يتكتّموا عن مشاكلهم، كي لا تكبر وتصبح غير قابلة للحلّ؟

– هذا هو الفرق بينكِ وبين المدمنين على العمل الذين يهملون حتى صحّتهم. للإشارة، أكثر المعرَّضين للإدمان على العمل هم الشيوخ، الكهنة ومدراء الشركات.

¯   لماذا؟

– لأن لا شيء آخر في حياتهم غير الفراغ  والوحدة، فيتذرّع الخوري والشيخ بخدمة الناس، ومدير الشركة يقول أنه الرئيس و«بدّو يمشّي الشغل».

هل يُمكن أن يكون رئيس أي دولة مدمناً على العمل؟

– لا، لأنّ وقت عمله محدّد بأربع أو ست سنوات حسب الأنظمة والدساتير.

آه.. إذاً حكامنا يعانون من الإدمان على الكرسي وليس على العمل، وهذا ما يفسِّر بقاءهم   في مراكزهم لسنوات طويلة، وهذا مرض حقيقي يعاني منه القذافي، مبارك وبن علي؟

– نعم، هذا إسمه جنون العظمة/Megalomania عند أصحاب مراكز السلطة الذين يمكثون لسنوات طويلة في مراكزهم، وحين يتوجب عليهم تركها لخلَف جديد، يصعب عليهم أن يتقبلوا أنفسهم خارج السلطة، أو دون مرافقين شخصيين أو أناس كثر يحيطون بهم. 

لأنهم يدمنون على الفكرة نفسها؟

– لأنهم يصبحون مصابين بجنون العظمة، ولا يجدون عملاً أو مركزاً آخر يشغرونه خارج السلطة والحكم.

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 نضال الأحمدية

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار