• الكتابات السياسية في الباصات تعكس الفوضى في الشارع والوضع السياسي العام
  • الشعار وسيلة دعائية للجماهير والجماعات والأحزاب
  • الإسم جزءٌ لا يتجزأ من شخصية الفرد
  • صحافة الباصات تحلّ مكان صحافة الجدران
  •  حين يكتب الشخص إسمه يعني أن لديه ضعفاً في الشخصية
  • النرجسيّ يعاني مشاعر مهزوزة بالذات
  • (الدوبّامين) هو المسؤول عن التصرفات غير المنطقية للعشاق
د. بولا حريقة
د. بولا حريقة

* لماذا يكتب الشخص إسم حبيبه أو كلماتٍ تعبّر عن مدى الحب على ورقة أو جدران أو الخ؟

– لهذه الكتابات تفسيرات مختلفة. فانطلاقاً من أنّ الإسم جزء لا يتجزّأ من الشخصيّة وهو يعكس صاحبه فإنّ كتابته تعني استحضارًا لصورة الحبيب الغائب لتأمّلها من خلال الإسم، ما يُحدث صدى رائعاً في وجدان المحبّ. كما أنّ هذا التأمّل يثير مناطق في الدماغ تحتوي على نسبة عالية من مادة (الدوبّامين) التي توفّر للمحبّ الشعور بالراحة والفرح والغبطة. لكنّه في المقابل يؤدّي إلى إضعاف نشاط المناطق الدماغيّة المسؤولة عن الإدراك والتفكير المنطقيّ، ما يفسّر الأسباب الكامنة خلف السلوكيّات غير المنطقيّة التي تصدر عن المحبّين، والتي يعجزون عن التحكّم بها أو ضبطها، وما هذه الكتابات سوى وجه من أوجه السلوكيّات غير المنطقيّة. أمّا التفسير الثاني فهو الرغبة في الإفصاح عن هذا الحبّ عندما يكون المحبّ عاجزًا عن ذلك، إذ من المعروف علمياً أنّ الوقوع في الحب محكوم بمجموعة مرسلات عصبيّة تحرّكها جميعها مادة كيميائيّة دماغيّة تُسمّى PEA, تولّد، من جملة ما تولّد، الاستمتاع بالكلام عن المحبوب. لذلك فإن المحبّ العاجز عن الإفصاح، يبحث عن أيّ طريقة بإمكانها مساعدته لتحقيق غايته من دون وقوعه في المشاكل فلا يجد أحياناً سوى هذه الكتابات، لأنها مجهولة المصدر. فيكون بذلك قد حقّق هدفَين في وقت واحد هما الإفصاح والاستمتاع.

* ماذا يعني أن يكتب الشخص إسمه في الباص؟

د. بولا حريقة كتابة الأسماء تشير إلى وجود مشكلة معيّنة على صعيد البناء النفسي الشخصي. فإما أن يكون الفرد يعاني انعدام الشعور بالأهميّة الذاتيّة فيلجأ إلى هذه الوسيلة لإثبات وجوده وإبراز شخصيّته بسبب عجزه عن ذلك سواء في المنزل، المدرسة، الجامعة أو في أماكن العمل؛ أو أنه نرجسيّ يعاني مشاعر مهزوزة بالذات غير واثق بنفسه، لذلك يبالغ في إظهار ثقته بنفسه من خلال وسائل إسقاطيّة، تشكّل كتابة الأسماء على مقاعد الباصات أو على الجدران واحدة منها.

الإسم جزءٌ لا يتجزأ من شخصية الفرد
الإسم جزءٌ لا يتجزأ من شخصية الفرد

* ماذا يعني أن يكتب الشخص رقم هاتفه أو بريده الإلكتروني؟

– هذه الكتابة ليست سوى أسلوب جديد في التعارف وصولاً إلى ما بات يُعرف اليوم بالزواج عبر الإنترنت، أو أو لمجرّد المعاكسة.

حين يكتب الشخص إسمه يعني أن لديه ضعفاً في الشخصية
حين يكتب الشخص إسمه يعني أن لديه ضعفاً في الشخصية

* لماذا يرسم الشخص الشعار السياسي للحزب الذي ينتمي اليه أو يشجّعه، ولماذا يقوم شخصٌ آخر بمحاولة إزالة هذا الشعار عبر الخربشة فوقه ، وقد يصل الأمر بهذا الشخص إلى تمزيق قماش المقاعد لإزالة ذلك الشعار؟

– الشعار بحدّ ذاته وسيلة دعائيّة للجماعات، الأفراد، الأفكار، العقائد أو الأحزاب.. ، وهو يميّز الهويّة الذاتيّة لصاحبه. ولقد اشتُهر في تاريخ الصراعات والحروب ما يُعرف بصحافة الجدران، التي إن قُمِعت، تحوّل الشعب إلى صحافة بديلة، منها على سبيل المثال، صحافة الباصات التي تضمّنت بشكل لافت، رسم هذه الشعارات كتعبير عن الانتماء إلى خطّ سياسيّ معيّن، يعتقد كاتبه أنّه الأفضل، لذلك يحاول تعميمه أو فرضه أو إقناع الآخر به بأيّ وسيلة متاحة، سواء من خلال كتابته على حائط أو على مقاعد الباص. وهذا هو التفسير المعطى أيضاً لمحو هذا الشعار واستبداله بآخر معارض أو موالٍ. لكنّ هذا الأمر دليل على حالة الشارع، التي تعكس الوضع السياسيّ العامّ الذي، إن دلّ على شيء، فعلى عدم تقبّل الرأي الآخر أو انتمائه، ما يعني أنّ هذه الكتابات تعكس فوضى الواقع السياسيّ والاجتماعيّ وشكل وحال المجتمع الذي ينتجها، وتناقض الاتّجاهات، ورغبة كلّ فريق بإثبات وجوده وسيطرته على الآخر في أسلوب متطرّف يساهم الخطاب السياسيّ في نشره وتعميق جذوره. فضلاً عن أنّ هذه الشعارات تعكس أيضًا تفكير كاتبها وثقافته وبعض القيم والمفاهيم التي تسود في المجتمع كمفهوم العنف والموت والسلاح. في المقابل، نلحظ ظهور تبدّل في بعض القيم من خلال الانتماء ليس إلى حزب أو فرد أو طائفة، بل إلى الوطن ككتابة «لا للطائفيّة» و«Liban » ورفض الإرهاب، ما يدلّ على بداية تبلور الوعي الوطنيّ وإن بشكل غير كافِ..

الكتابات السياسية في الباصات تعكس الفوضى في الشارع والوضع السياسي العام
الكتابات السياسية في الباصات تعكس الفوضى في الشارع والوضع السياسي العام

نضال الأحمدية Nidal Al Ahmadieh

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار