عمالقة الكوميديا في العالم العربي، ومن أصبحوا أعلاماً في الكوميديا  قلائل، وقد لا نجد سوى اسمَين استطاعا أن يتربّعا على العرش وأن يُحققا مكانة عربية الحدود وجماهيرية واسعة لا حدود لها، وهما دريد لحام وعادل إمام.
كلاهما نتسمّر لمشاهدة أعمالهما ونردّد عباراتهما الشهيرة فتُصبح ضمن أساسيات قواميسنا اليومية، فمن منّا لم يردِّد يوماً (يا مو يا ست الحبايب) أو يغنّي (فطّوم فطّوم فطّومة خبّيني ببيت المونة) وأغنيات كثيرة وعبارات هو صاحب حقوقها الحصرية.
ومن منّا لا يقول يومياً ممازحاً أصدقاءه (لقد وقعنا في الفخ) أو (شفتيني وأنا ميّت؟) وغيرها الكثير.
لكنّ حال عادل إمام يختلف عن حال دريد لحام، رغم أنّ دريد لحام يعني لنا نحن اللبنانيين كما أهل الشام، أكثر من إمام، لكنّ لحام، وهو قامة فنية رفيعة، يظلم نفسه بنفسه، بينما إمام يستطيع بذكاء حاد أن يبقى بطلاً أولاً لا سنّيداً فلا يغامر بحضوره ونجوميته ولا يقبل بأن يلعب دوراً ثانوياً أو دوراً مساعداً لمجموعة نجوم شباب، كما يفعل لحام.
فعادل إمام ورغم أنّ أعماله الأخيرة لم تعد تُحقق نفس النجاح الذي كانت تُحققه في السابق، إلا أنّه يطل سنوياً في عمل ضخم الإنتاج، ببطولة مُطلقة يحصل بالمقابل عليها على حوالي الـ 4 مليون دولار، ويكون هو فيها الأساس والكل تدور أدوارهم من حول فلك دوره، أما دريد لحام فيشارك هذا العام في مسلسل (أبواب الريح) إلى جانب عدد من نجوم الدراما السورية، لكن المشاهدين الذي يتابعون المسلسل كرمى لعيونه، يرون الكل ولا يرَون دريد إلا نادراً، بينما يُفترض أن يكون هو بطل العمل المُطلق!
حال (أبواب الريح) كحال (ضبّوا الشناتي) الذي تقتصر مشاركته فيه على بعض المشاهد، وإنّنا نستغرب هنا أن لا يكون لعملاق كدريد لحام عمل سنوياً، يكون هو فيه الأساس ويشاركه باقي النجوم من مختلف الأجيال، وذلك تقديراً لماكنته وقيمته، فهل دريد لحام هو المقصّر ويحتاج لمدير أعمال يستلم عنه زمام الأمور ويوجّهه ويختار له أعمالاً تليق بمسيرته؟
أم أنّ الحق يقع على المنتج السوري والعربي الذي لا يُقدّر الكبار ولا يفهم في الفن بقدر ما يفهم في جيبه والمردود الذي سيرجع له، عكس المنتج المصري الذي يخلق مزيجاً بين الحفاظ على القامات الفنية من جهة وتقديم أعمال مُربحة ومُشاهدة من جهة أخرى؟
يأتي رأينا مطابقاً لرأي النجم السوري أيمن زيدان الذي كتب على صفحته على الإنترنت رأياً صريحاً وواضحاً وقال فيه: (الفنان الكبير دريد لحام حالة فنية استثنائية لم ولن تتكرر في تاريخ الدراما التلفزيونية السورية وهذه من وجهة نظري حقيقة لا يمكن إغفالها رجل بهذه القامة الإستثنائية الفنيه يستحق ان يظل متربعاً على القمة ومسؤوليتنا جميعا ً أن نحتفي بهذا المبدع ونحمي نجوميته الإستثنائية.. كم يوجعني عندما أراه في أدوار رغم أدائه المبهر لها، لا توازي تاريخه ولا مكانته.. مع دريد لحام لا نحكي عن أهمية عمل شارك فيه.. مع دريد لحام يحق لنا أن نحكي عن أعمال تصنع له خصيصاً ليظل هو الآخر النجم الكبير وصاحب السعادة الأستاذ الكبير دريد لأنّني أحبك وأقدر تاريخك أقولها كلمه واحدة.. من كان بمستوى تاريخك لا يشارك في أعمال بل تصنع له الأعمال والآخرون يشاركون فيها).
نأسف لأن تتحوّل إطلالات الكبير دريد لحام إلى «ظهورات» في أعمال درامية يُستخدم فيها اسمه لجذب المشاهد الذي لا يراه.. بدل أن نراه بطلاً أولاً يلتمّ حوله كل النجوم!
أيمن زيدان على حق، وكلامه يتلاقى مع ما ندعو إليه، وهو ضرورة تكثيف الجهود للحفاظ على قامة دريد لحام الفنية..
فلحام يليق به ما يُؤمّن لعادل إمام، الذي لا يدخل مكاناً إلا ويكون مدججاً بالـ Body Guards، فلا يصل إليه سوى من دعت له والدته في ليلة القدر..
دريد لحام يليق به كل الألق والنجاح والنجومية والحضور الأنيق بحجم تاريخ حافل بأجمل الأعمال التي تربينا عليها.. فهو تاريخ يمشي على قدمين.. ومتى تعلّمنا كيف نحترم كبارنا أصبحنا أمّة تستحق أن يُصبح لها هوية فنية!

علاء مرعب

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار