قرّرت ممثلات لبنان الاعتصام في ساحة النجمة، بدعوة من كارول عبود التي تنظم هذا الاعتصام، للمطالبة بعودة أفراد عائلاتهنّ المعتقلين في السجون السورية منذ سنوات الحرب الأهلية.

لم يعطِ الكاتب جورج خباز شخصيات فيلمه الجديد (وينُن) أسماء من نسج الخيال. فكارول عبود تدير جمعية تُعنى بملاحقة قضية مخطوفي الحرب. ولطيفة ملتقى تنتظر ابنها الذي غُيّب عنها، فتسكب له الطعام وتخاطبه كأنه موجود معها. ترفض لطيفة الاستسلام للواقع المرير وتطالب السيدة العذراء بإعادة ابنها إليها وتتعامل معها وفقاً لمبدأ “العين بالعين والسن بالسن”، فلطيفة لن تعيد الطفل يسوع إلى مغارته قبل عودة ابنها المفقود. وتقلا العانس (تلعب الدور تقلا شمعون) معلّمة أهملت حياتها الشخصية نتيجة الحزن الذي تربّص بها بعد اختفاء أخيها. وديامان بو عبود تعيش حياتها على هواها، وهي على خلاف مع والدتها، ولم تعرف الاستقرار النفسيّ منذ أن خُطف أبوها في صغرها. أمّا كارمن لبس فتقيم علاقة مع ميكانيكيّ يصغرها سنّاً وتعاني انفصاماً في شخصيتها. جزء يرغّبها بالتمتع بالحياة، وجزء آخر يقمع حريتها ويجبرها على انتظار زوجها. وأخيراً، تطلّ ندى أبو فرحات المقيمة في منزل فخم. إنها زوجة النائب طلال الجردي الذي يطلب من الصحافة تصوير زوجته التي تودّ المشاركة في الاعتصام!

تمثل شخصية طلال أنانيّة ذوي المناصب السياسية الذين لا يكترثون سوى للـ prestige ، ولا يشعرون بآلام الغير.

شاركت ديامان بو عبود إلى جانب نيكولا، شقيق جورج خباز، في كتابة النص.

لكنّ الكاتب الرئيسيّ وصاحب فكرة الفيلم هو الفنان جورج خباز الذي كتب (غدي) وحجز لنفسه، منذ ذاك الحين، مكانة لا يُستهان بها في عالم الكتابة السينمائية.

أخرج العمل سبعة من خرّيجي جامعة سيدة اللويزة التي أنتجته بالتعاون مع مؤسسة إميل شاهين، أستاذ السينما في الجامعة.

ليست هذه المرة الأولى حيث تقْدم جامعة لبنانية على إنتاج فيلم سينمائي. فالجامعة اللبنانية الأميركية كانت قد اختارت أستاذها المخرج أسد فولادكار، الذائع الصيت في مصر، لكتابة وإخراج (لما حكيت مريم) عام 2002.

من ناحية التمثيل، جسّد دور البطولة في (لما حكيت مريم) طلال الجردي، خرّيج الـ LAU. بينما ال NDU قد أوكلت المهمّة الإخراجية لعدد من خريجيها، لكنها لم تقدّم فرصة لهواة التمثيل منهم.

بأية حال، فإنّ دعم الجامعات للقطاع السينمائيّ خطوة جبّارة نحو الإبداع الفنيّ والتطور الثقاقيّ. ومهما كانت الميزانية المخصصة للإنتاج ضعيفة، تبقى أمراً ممهّداً لخلق صناعة سينمائية لبنانية مئة بالمئة، وهذا أفضل من الاعتماد على التمويل الأوروبيّ، إذ يفرض المنتج الأجنبيّ شروطه ويتدخّل بالحيثيات التي يطرحها النص.

إذا أردنا مقارنة (وينُن) بـ (غدي)، نلحظ أنّ جورج خباز، بعد أن حرّر سينمانا من ربقة الحرب والمتاريس والمسلحين، أخذنا مجدّداً إلى دهاليز الحرب وجراحها التي لم تندمل، رغم أهمية القضية التي يعالجها. أيمكن أن نلوم خباز على فيلم يبكينا، وهو الذي أضحكنا وأبكانا وبهرنا بقصة تبتعد كل الابتعاد عن ال cliché في (غدي)؟! طبعاً لا. قضية المخطوفين قضية وطنية ولا يمكن التغاضي عنها. والأهمّ هي الطريقة التي عولجت بها المسألة، ليس الطرح فحسب.

وائل مراد

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار