عادة لا أتابع قناة (القاهرة والناس)، ولا تستهويني برامجها ابداً، لذلك تفاجأت بالسبب الذي جعل (هاشتاج) بعنوان (براحة  يا انتصار) ناشطاً في جميع أنحاء مصر عبر موقع (Twitter)، وهاشتاج آخر يليه بعنوان (أوقفوا قناة القاهرة والناس).

انتصار عبد الباسط علي

فضولي واهتمامي بمتابعة أخبار الفن والحياة العامة، دفعاني لدخول الـ (الهاشتاجين) لأعرف قصتهما، لكنّ المفاجأة أنّ  انتصار الممثلة الكوميدية البارعة، أصبحت بقدرة قادر مقدمة برامج عبر (القاهرة والناس)، وبرنامجها لا يقتصر فقط على استضافة زملائها النجوم مثلاً، بل تناقش فيه قضايا اجتماعية وتعطي رأيها الشخصي في أمور هامة، دون أدنى مسؤولية.

هيدي كرم

البرنامج تقدمه مع انتصار فنانة أخرى تُدعى هيدي كرم، كانت تُسند لها أدوار ثانوية في بعض الأعمال الفنية، والممثلة الكوميدية الصاعدة شيماء، أي أن الثلاثي لا علاقة لهنّ بالإعلام، لا من قريب ولا من بعيد، وأقصى ما تفهمن فيه هو التمثيل، وليس التحدث في أمور من شأنها إثارة البلبة!

إن اعتبرنا أن انتصار ومن معها لسن وحدهن من عملن في مجال الإعلام من الفنانين، فقد نرى المسألة عادية، خصوصاً وأن الفترة الأخيرة شهدت اقتحام عدد كبير من الفنانين لمجال الإعلام دون سابق إنذار، منهنّ فيفي عبده تقدم برنامجاً خاصاً بها، وكذلك هشام عباس، وهاني رمزي، وصابرين، وهالة فاخر، وغيرهم، ولكن الفرق هنا أن من سبق ذكرهم، برامجهم كانت بمجملها فنيّة، قد تناقش موضوعات خفيفة لكن أبداً لم تدخل في المواضيع المثيرة للجدل أو تلك التي تؤثّر على الرأي العام، ولم يسبق لأي من هؤلاء مناقشة أمور جنسية مثلاً، بكل قلة مسؤولية ووعي، كما حدث في برنامج (نفسنة) الذي تقدمه انتصار وهيدي وشيماء!

شاهدت الحلقة التي تسببت في هجوم الجمهور على انتصار وبرنامجها والقناة التي تعرضه كاملة، وأصابني القرف مما وصل إليه إعلامنا، بل حزنت على ما فعلته بنفسها تلك النجمة الكوميدية التي شاهدت دورها مؤخراً في فيلم (أهواك) وقد برعت فيه وقدمت  واحداً من أهم أدوارها الكوميدية.. كما صُدمت بأنها تُحاول أن تلعب الدور نفسه في البرنامج، لتظهر على الشاشة كسيدة محرومة جنسياً تُعاني من كبت خطير وتستهويها الأحاديث الجنسية.

انتصار

انتصار اعترفت بكل جرأة في البرنامج أنها تُشاهد الأفلام الإباحية، ودافعت عن كل من يُشاهدها معتبرة أن أي رجل يحق له مشاهدتها قبل الزواج كي يتمكن من إقامة علاقة جنسية مع زوجته، رغم أن ما تلفظت به الأخت انتصار، يحتاج لخبير في العلاقات الجنسية كي يناقشه، خصوصاً وأن أغلب ما جاء عن لسانها هي أقاويل مغلوطة، فأفلام البورنو ليست هي التي تقوي ثقافة الرجال جنسياً بل قد تُدمرها بحسب أبحاث نفسية كثيرة لكبار المحلّلين النفسيين، لتأتي انتصار تثرثر على هواء لا تعرف حجم مسؤوليته، فتتفلسف وتعطي آراءاً خاصة في أمور عامة، دون أن يرفّ لها جفن!

الأسوأ أنها حاولت أن تبرر كلامها من منطلق دينيّ، فاستشهدت بحديث الرسول (ص): “من استطاع منكم الباءة فليتزوج”، وتابعت:”هو مش قادر فا قالك أشوف الفيلم كدة أصبر نفسي، اللي مايقدرش.. يصبر نفسه”.

من جهتها دافعت هيدي كرم باستماتة عن ضرورة عدم منع الأفلام الإباحية وإتاحتها عبر الإنترنت بشكل طبيعي، معتبرة أنها تندرج ضمن الحريات، وبدت منفعلة في معارضتها لقانون منعها، وكأن هذه  القضية تؤرق المصريين وتجعلهم يتقلّبون في أسرّتهم قلقاً وحزناً وإرهاقاً!

الأحاديث الجنسية سيطرت على كل الحلقة، حتى أنه تم عرض صورة لممثلة البورنو ميا خليفة، وعرفت عنها انتصار وزميلتيها بأنها أشهر نجمة بورنو، وتعالت ضحكاتهنّ بقلة حياء ملحوظة، رغم محاولات شيماء التحفظ على ما يدور في الحلقة، في بعض الأحيان، أما انتصار فقالت: “عايزين نشوف جسمها بقى”، لترد هيدي: “لأ جسمها قوي جداً”، لتحاول بعدها أن تجعل انتصار تنطق اسم (ميا) بالشكل الصحيح لتتحوّل الحلقة إلى هراء وإباحية وقلّة أدب!

الأسوأ أنّه في ختام الحلقة، وحين استضفن فناناً، غلبت التلميحات الجنسية على الحوار،، فقالت شيماء للضيف: «ممكن تقفل القميص شوية، عشان أنا مش قادرة وقاعدة منهارة» لترد انتصار: «سيب شعر صدرك منطلق»، لتصل قلة الحياء إلى ذروتها!

بعد أن كنا نُشاهد في أفلامنا القديمة مدى الرقي في غزل الرجل للمرأة، أصبحنا نُشاهد المرأة هي من تتغزل بل تصل بغزلها إلى حد التحرش اللفظيّ!

قد يعتبر فريق عمل البرنامج أن حملة الهجوم الشرسة التي يتعرضون لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي هي أفضل وسيلة للترويج له، ولزيادة نسبة مشاهدته، وهو ما يلهث خلفه كثر من عشاق الدولار والRate، وربما هم يجلسون الآن ويقيّمون من ينتقدهم ويصفونهم بأصحاب العقول المتحجّرة، بحجة الانفتاح و«العصرنة»، وقد يستمرون في تقديم برنامجهم على نفس النهج، بينما يفترض بهنّ أن تنكشن أي إحساس بالمسؤولية داخلهنّ، وتهرعن إلى الاعتذار فوراً، وفوراً، علهن تحافظن على ماء الوجه الذي أُهدر في حلقة تلفزيونيّة فارغة ووقحة!

 دينا حسين – القاهرة

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار