الليالي الحمراء وأختام الشمع الأحمر.

مجلس القضاء الأعلى اجتمع وقرر إحالة المسؤول الكبير إلى التحقيق.

(ليس أبلغ من القحباء حين تتحدث عن العفة) ويبدو أنه استلهمها من عفاف.

عفاف ورطت مسؤول ثم طالبت بتبرأته! أوقعت بنات كبار العائلات كمال جنبلاط منع دخول الأرتيستات إلى لبنان كميل شمعون ارتبطت قضايا الإنحراف والفساد والدعارة بأسماء معروفة يتداولها الناس على أنها لامعة ومنزهة عن الصغائر لكن معلومات دقيقة وثابتة أكدت أن مجرد بائعة هوى قادرة على تلويث سمعة من تشاء..

ملفات الحكومات الكبرى والصغرى تمتليء بقضايا شبكات الآداب في العالم، وتعتبر (مدام كلود- الفرنسية Madamme clude bu) رمزاً عالمياً، كما تعتبر اللبنانية (عفاف- نتحفظ عن ذكر اسم العائلة) تُعتبرُ اسماً على غير مسمى.

ومما لا شك فيه فإن بعض شبكات الآداب تحولت إلى قضايا يملكها الرأي العام وبعضها أخفتها الأجهزة لفترة التي ما أن تزول حتى تنكشف وتصبح ملكاً بكل صفحاتها المكتوبة أو الشفهية المنقولة. وبعض الشبكات بل الكثير منها طواها النسيان بأمر من الذاكرة حيناً،  وأحياناً لقلة فائدتها وعدم حاجة الذهن البشري لها أو بأوامر من الذين ما يزالون يملكون قدرة الحل والربط!

حتى بدايتي مع كتابة هذه الأسطر لا تزال أي قضية تتعلق بعالم الليل والآداب والرذيلة، مثارَ اهتمام الناس كوننا نعيش في عالم خطير وشائك، وينام على أسرار وأسماء وتفاصيل تذهل.. وما خفي فأعظم..

(الجرس) تفتح ملف شبكات الآداب ورواد ورائدات الفضائح في لبنان والعالم، مستندين إلى مراجع عايشت الحقبة التي نشُطت فيها  الشبكات، وملأت أخبارها الصحف والمجلات قبل أن يكون هناك تويتر وفايسبوك facebook and twitter.

عفاف ليست عفاف

بدءاً من منتصف خمسينات القرن الماضي تعرّف اللبنانيون على فضائح جنسية متتالية تداولها الإعلام البدائي آنذاك رغم أن تلك القضايا ارتبطت بأسماء مشاهير من سياسيين تعاملوا مع سيدة امتهنت بيع النساء وسمت نفسها عفاف وسموها روادها بـ (مدام كلود الشرق).

في هذه اللحظات وبينما أكتب هذه السطور خطرت ببالي مقولة الأديب اللبناني الكبير سعيد تقي الدين: (ليس أبلغ من القحباء حين تتحدث عن العفة) ويبدو أنه استلهمها من عفاف. واسمها الحقيقي (بدر)، التي وطدت علاقاتها مع الشخصيات البارزة في البلد، لاسيما هؤلاء الذين يشغلون مناصب رفيعة.

قضية عفاف هزت عهداً بكامله كما تذكر كل المراجع خصوصاً وأنها اتخذت طابعاً سياسياً وبسببها تدحرجت رؤوس كبيرة أبرزها مسؤول كبير في بيروت آنذاك.. هذه القضية تفجرت حين انتشر خبر علاقة الفتاة سعاد حلبي المعروفة بأسم نوال قباني، وكانت من ضمن شبكة عفاف، وذُكر يومها أن عفاف نفسها استـأجرت لهما شقة (غارسونييرة.) في شارع الحمراء، الأمر الذي جعل مجلس القضاء الأعلى يجتمع ويقرر إحالة المسؤول الكبير في بيروت للتحقيق. وقيل حينها، أن نوال بنت محتالة لم تلتقِ يوماً بالمسؤول، لكن أحدهم لفّق التهمة للمسؤول وعفاف نفسها أكدت ذلك أثناء التحقيق معها مشيرةً إلى أن المسؤول الكبير بريء من التهمة.

وقالت عفاف: إنها هي من ذهبت إلى مكتبه لأمر ما، وأبدت استعدادها لقسم مائة يمين على أن المسؤول بريء وكل ما قيل عنه تلفيق بتلفيق، واعترفت أنها مارست الرذيلة، لكن هذا لا يعني أنها بدون ضمير وأضافت تؤكد أنه لم يكن المسؤول يحميها يوماً، وأن بعض جماعة شرطة الأخلاق الذين يتزعمهم المسؤول الثاني(م/ ش/أ) هم الذين يحمونها ويقبضون منها، وأن خير دليل على كلامها هي الصور التي التقطها لها مصور في حلب اسمه غريغور ومقره في حي الأرمن، حيث أخذ لها ولبناتها صوراً خلال رحلة الصيد حيث – تضيف عفاف: توجه أحد الصحافيين إلى حلب وأحضر صورة تظهرها وبناتها مع بعض رجال مكتب الأخلاق والآداب العامة حول مائدة عامرة بالمآكل والمشروبات.

وفي ظل هذا الجو المحموم اعتكف المسؤول الكبير في منزله في رأس بيروت وكان من الطبيعي أن تتغير الحال مع ظهور الدليل وتقلّب الأوضاع السياسية على أثر الفضيحة لتطيح برؤوس بارزة في مكتب حماية الآداب، كانوا يتنزهون مع سيدة شبكة الخطيئة وبناتها.

هذه القضية وقعت أيام رئيس الحكومة سامي الصلح في عهد الرئيس شمعون، وقضية عفاف كانت وثيقة ضد الحكومة التي وصفها المفكر الراحل كمال جنبلاط بعبارته الشهيرة (الحكومة كلها عفاف)، وذلك عام 1961 أي بعد أن انتهت تلك القضية، وتسلّم حينها المفكر الشهير وزارة الداخلية في عهد حكومة رشيد كرامي، وكان يقصد بعبارته تلك، لطشة للحكومة السابقة، خصوصاً أنّه كان ضد الفساد ويريد حماية البلد من تفشّي الدعارة، ودخول الأرتيستات إلى أرض الوطن، كي لا يعيد التاريخ نفسه.

نجمة الخطيئة عفاف تحولت قضيتها إلى لطخة عار أثارت اشمئزاز واستهجان عائلات كبرى وكريمة، ولم تكتفِ عفاف بخطف الفتيات عبر أزلامها وجرهن إلى طريق الرذيلة والإفساد وإدمانهنّ المخدرات، وعندما نُشرت تلك الفضيحة في الصحف فما كان إلا أن أحيل رجال مكتب الأخلاق جميعاً إلى التحقيق وأصبحت رؤوسهم مع (ش/س) آنذاك معلقة في الهواء..ولكن من هي عفاف؟ وما هي قصتها وحكاية بناتها اللواتي احتجزتهن في وكرها وارغمتهن على ممارسة أفعال مخالفة للآداب.

عصابة خطف البنات

عام 1957 حصلت فضيحة كبرى هزت المجتمع اللبناني، وأثارت الصحافة اللبنانية وكانت بطلتها إمرأة داهية تدعى عفاف استطاعت أن تجر إلى بيوتها المليئة بالخطايا والرذيلة والتي كان يحميها مسؤولون إنجروا هم ايضاً إلى عالم بؤرة الفساد، وقد إستطاعت عفاف أن تأمن مداهمات رجال الأمن وتوسع نشاطها لدرجة انها صارت توقع ببنات كبار العائلات وتقضي على سمعتهن وكثر إختفاء الطالبات من مدارسهن وجامعاتهن، وإنساقت نساء محترمات إلى العمل في الملاهي، الأمر الذي أثار الريبة والإستغراب، وجعل الشائعات تنتشر في لبنان عن أن هناك عصابة خطيرة تخطف الفتيات!!

قصة الإختفاء

وأولى تلك الفتيات إبنة رجل محترم سارع للإبلاغ عن إختفائها في قسم الشرطة، فأحيل المحضر إلى النيابة العامة الإستئنافية، وبعدها إلى رئاسة الشرطة القضائية، وكان يتولى منصب المفوض العام الممتاز حينذاك الراحل يوسف الحاج، إلا ان نتيجة التحقيقات لم تتوصل إلى تحديد مكان وجود الفتاة.. وبعدها بأشهر قليلة تقدم شاب ببلاغ إلى النيابة يتهم فيه مجهول بخطف خطيبته، وأجرى رجال الشرطة تحرياتهم، وعلموا أن للفتاة صديقة فأستدعوها للتحقيق فأشارت اليهم بأن صديقتها كانت في الأيام الأخيرة تبحث عن امرأة إسمها حياة سرقت منها معطفها الثمين.. وواظب رجال الأمن على البحث عن الفتاه الضائعة لكن جهودهم ذهبت سدى، وتقدم رجل آخر بشكوى يقول فيها إن إبنته اختطفت بطريقة غامضة، إلا أن تحقيقات رجال الأمن كانت كسابقيها رغم اهتمام المفوض خليل الحلواني بالشكاوى الثلاث، ومضى في إجراء تحقيقاته السرية، ورأى أن يستعين بزميله مفوض شرطة الآداب سالم رحال الذي داهم وأقفل عدداً كبيراً من البيوت المشبوهة في لبنان، إلى أن توصل لمعلومة مهمة حول بيت عفاف.

دعارة وكوكايين  والصحافة اللبنانية تحركت لكشف العهر والفساد فتيات قاصرات وأخريات شابات في الوكر المشبوه! هل كانت زوجة سعيد تعلم شيئاً عنه وهي ابنة العائلة الكريمة؟ لحق بها خطيبها ووالدها وأصرا على إسترجاعها لكنّ عفاف أكّدت لها أنّ الذبح بانتظارها ماغي تحولت إلى وفاء بعد أن خدّروها وسلبوا شرفها لعبت الصحافة اللبنانية دوراً خطيراً ضد عفاف، فأشارت المجلات والصحف لوجود مبنى في بيروت تديره سيدة وموظف في قصر العدل، لتسهيل الأعمال المنافية للآداب، ثم راحت الأقلام تتساءل عن من كان يغطّي عفاف وأعمالها، وكيف استغل منصبه للتستر على تلك المرأة وشبكتها، وبعض الأقلام كتبت بشكل أسبوعي أخباراً عن الفندق وعن عفاف وزوارها، وكيف أنّ الأثرياء وأصحاب المراكز النافذة على المستويات كافّة يزورونها.

ومن بعض ما تناولته الصحافة آنذاك: هناك تلميذات بين عمر الـ 12 عاماً والـ 21 عاماً، يهربن من أهلهن، ومدارسهن، ويقصدن بيت عفاف للعمل من أجل الحصول على المال، وهناك فتيات عملن لديها تحت الضغط والإكراه، فتحطّمت معنوياتهن، وكُسرت كرامتهن في بيت عفاف. نساء بِعن الشرف تحت إشراف موظف في قصر العدل، حيث استأجر وعفاف المبنى بمبلغ وقدره 42 ليرة في السنة بحجّة تحويلة إلى فندق، والحقيقة أنهما حولاه إلى وكر للإعتداء على الشرف والفتيات القاصرات ونشر الرذيلة.

وكتبوا أيضاً: لقد أوقع بنات العائلات، لارتكاب الفاحشة تحت التهديد وفساد المجتمع، ثم الإرهاب لمن تُسوّله نفسه، كشف ما يحصل، إضافة إلى تعليم الشباب اللبناني تعاطي الممنوعات، التي تفتك بعقولهم وأجسامهم، فهل كانت تلك البناية فندقاً؟ ومن أين حصل ذاك الموظف على هذا المبلغ، وراتبه الشهري لا يتعدى الـ300 ليرة لبنانية؟ بينما يصرف في الفندق مبلغ 300 ليرة بشكل يومي؟ كذلك توصلت صحيفة الراحل حبيب مجاعص، إلى الكشف عن كيفية إقالته من منصبه، وبدأت الإتهامات حول بوادر فضيحة أخلاقية ستظهر في الأفق.

حاولت عفاف إرسال مبالغ من المال إلى الصحفي مجاعص بهدف إيقاف حملته، لكنّه رفض وكانت المفاجأة إصدار مذكرة بملاحقته، والقبض عليه وإرساله إلى النيابة العامة الإستئنافية في بيروت، للتحقيق معه حول ما نُشر، لكنّه تمكن من الهروب والإختفاء مستمراً في أرسال مقالاته الدورية من مكان مجهول لمتابعة فصول الحكاية. وبعد مجاعص بدأت سائر الصحف تشير إلى أخبار خطيرة، وأخرى مبطنة فيها تورط لبعض المسؤولين في فضيحة أخلاقية، وأكد الصحفي مجاعص أن ذاك المسؤول هو من يحمي القوّادة عفاف وشريكها الموظف في قصر العدل، وعقب ذلك، بدأت العائلات التي اختفت بناتهن بزيارة البيت المشبوه، وتوجيه أصابع الإتهام إلى عفاف، وصارت العائلات البيروتية العريقة تُهاجم عفاف، وتؤازر الصحافي مجاعص الذي أوكل المحامي جوزيف خوري للدفاع عنه  حتى ظهر الدليل القاطع!

وتكلّمت ليلى!

ليلى فتاة جميلة من عائلة لبنانية محترمة، لكنّ القدر شاء أن يجعل منها ضحية من ضحايا عفاف. كانت الموظفة التي شاهدت في بيت سيدة الخطيئة جرائم ورذائل وشذوذاً، ولأنها استطاعت الفرار، قصدت أحد المحامين وأدلت بكل أقوالها، حول كيف رشّت حارس مبنى عفاف وتمكنت من الهرب، بعد محاولات باءت بالفشل، وحين نجحت خطتها لجأت إلى فندق صغير في شارع المعرض في بيروت، لكنّ شبح أزلام عفاف عاد ليُطاردها فقررت الهرب إلى سوريا، وفيما كانت متوجهة إلى كاراج الشام، اطّلعت على بعض الصحف وقرأت الحملات ضد عفاف، فقررت تسجيل اعترافاتها لتشرح مأساتها للناس، فقالت أنّ أهلها زوّجوها بالإكراه، فلم تُطق العيش مع زوج لا تحبه، فهربت وقصدت بيروت، وضاعت ولم تعد تعرف ماذا تفعل أو تتصرف، فهداها تفكيرها للذهاب إلى (سينما ديانا)، وهناك التقت بفتاة وشاب يجلسان قبالتها وسألتها الفتاة عمّن تكون، ولماذا هي وحدها، وأين أهلها؟

حاولت ليلى التهرب من الإجابة، لكنّها شرحت لها من تكون، فقالت لها الفتاة أنها تعمل في مسرح فاروق، وتعود كل ليلة عند التاسعة مساءً وتقيم وحدها، وتحتاج إلى من يقيم معها ليهتم بها، مانعت ليلى أول الأمر لكنّها ما لبثت أن وافقت بسبب ظروفها الصعبة،إذ لا مكان تبيت فيه، وبالفعل بعد إنتهاء العرض، ذهبت برفقة الفتاة إلى بيتها وهناك فوجئت بالأجواء المريبة، حيث الرجال يرتادون البيت ساعة يشاؤون، ويغدقون بالمال على الفتاة ويُلبّون طلباتها.

ووقعت في قبضة ياسمين!

أقامت ليلى معها لثلاثة أيام، التقت خلالها بفتاة تُدعى ياسمين، وما أن خرجت من المنزل حتى داهم رجال الشرطة المنزل، وقادوا كل من فيه إلى دائرة الشرطة، وسُئلت ليلى في التحقيق عن علاقتها بالفتاة التي تقيم معها في البيت، فأكدت أنها تعرّفت إليها قبل أربعة أيام فقط، وأنّها كانت تبحث عن عمل، فأخذتها لتهتمّ بشؤون المنزل الذي لم تكن تعلم عن أجوائه شيئاً، فكان أن حُبست على ذمة التحقيق لـِ 15 يوماً، وفي تلك المدة زارتها ياسمين التي كانت قد التقتها صدفة، وقالت لها أنها ستدفع عنها الكفالة وهي 200 ليرة لبنانية لتُخرجها من السجن، فوافقت ليلى دون أن تعلم أنّها تُعدّ نفسها لمصيبة أكبر، فياسمين طالبتها برد المبلغ، وهي تدرك تماماً أنّ ليلى مفلسة، عندها حاولت إرسالها إلى بيت امرأة تُدعى كارولين، لكنها غيرت رأيها وأرسلتها إلى بيت عفاف حيث هناك أمان أكثر.

ذهبت ليلى، فاستقبلتها عفاف بودّ وقبضت ياسمين مبلغ الـ 200 ليرة وسلّمتها ليلى التي صار لزاماً عليها أن تعمل لدى عفاف، حتى تستوفي دينها، وبعد تسديده عزمت على الخروج فراحت عفاف تُقنعها بالبقاء، لأنها في حال تركتها فإنّ الأعين ستكون موجهة إليها، خصوصاً أنها باتت من صاحبات السوابق وقد يتمّ القبض عليها مجدداً، لكن في حال بقيت في بيتها فإن أحداً لن يجرؤ على الإقتراب نحوها ولا على مداهمة البيت، وهكذا عملت في وكر الملذات سنة ونصف السنة.

وتقول ليلى: لقد شاهدتُ في بيت عفاف ما لا يقبله العقل ولا الدين ولا المنطق، بناتٌ صغيرات بين الـ 12 عاماً و الـ 13 عاماً ، وشابات من عائلات محترمة ومعروفة يعملن عندها، وتقيم لهنّ الحفلات وتشتري لهنّ أفخم الملابس، وتقبض ثمنها على حسابهنّ. لقد كانت حفلات عربدة وكوكايين، وكل ما هو  فاحش، إضافة إلى الضرب لمن يعصي أمراً لعفاف.

وتضيف ليلى، أنّ نصيبها في أحايين كثيرة كان الضرب خصوصاً عندما حاولت الهروب، فأقفلت عفاف الأبواب واستعملت السوط وهددتها بإرسالها إلى السجن بتهمة سرقة مالها وصيغتها، ما زاد حالتها سوءً وجعلها تُحاول الهرب ثانية، وبالفعل استطاعت الإختفاء لشهرين، لكنّها علمت أن عفاف تتّهمها بسرقة مبلغ خمسة آلاف ليرة لبنانية، وسيتم القبض عليها فتدفع الكفالة وتعيدها إلى منزلها..

وأكدت ليلى أنها طوال مدة عملها في بيت عفاف، لم تحصل سوى على ثياب بالية وحذاء ممزق، ولم يكن في جيبها ليرة واحدة، مع العلم أن الحفلات التي كانت تقيمها عفاف ثلاث مرات أسبوعياً كان يحضرها الوجهاء والأثرياء، لكنّ عفاف بمعاونة شريكها سعيد، كانا يستوليان على كل شيء، ولا يجودان على البنات سوى بالقليل، والويل لمن تفكّر بالتمرد على الأوامر، باستثناء ليلى التي اعتادت الضرب والإضطهاد، ولم تكن تخشى شيئاً، فقررت الهرب ونجحت وأفلتت من قبضة عفاف وسعيد، رغم أنّ الهرب من قبضتيهما كان مستحيلا، لأنّ سعيد كان يعلمُ بكل وشاردة وواردة.

لكن من تكون زوجته، وهل كانت تعلم شيئاً عن عمله السري وهي إبنة العائلة الكريمة؟ ومن  هو  سعيد؟

الجواب لا، كانت زوجته آخر من يعلم وهي تنتمي إلى أسرة كريمة كبيرة ومعروفة في لبنان من آلـ (البـ..)، وكانت تعتقد أنّه موظفٌ في قصر العدل، يخاف من  تسهيل أمور امرأةٍ داعرة أو التغطية عليها.

كذلك أهل سعيد لم يعرفوا يوماً بما يفعله ابنهم في الخفاء، وسعيد كان يحافظ عليها لدرجة أنه لم يجمعها ولا مرة واحدة بعفاف!

حكاية وفاء أو ماغي

أيضاً من البنات اللواتي قُضيَ على مستقبلهن في بيت عفاف، اسمها المستعار وفاء تنتمي إلى عائلة معروفة، تمكّن أزلام عفاف من خداعها، فأقتادوها إلى بيت الملذات عنوة.

الإسم الحقيقي لوفاء كان (ماغي)، و هي من عائلة كبيرة في بيروت. قضت عفاف على شبابها ومستقبلها، كانت مثقفة ورائعة الجمال، تتقن أربع لغات، وكانت مثالاً للطهارة والعفّة، دخلت إلى وكر عفاف عن طريق الخطأ، مع رجل وامرأة تابعين لعفاف، لتسأل عن سيدة تدعى(حياة- ح) كانت قد سرقت لها ثيابها، وحياة لم تكن في بيت عفاف إلا أنّ عملاء الأخيرة أوهموها بأنّها هناك، كي يقتادوها إلى المكان الذي يريدون، فدخلت ماغي إلى البيت واستقبلتها عفاف بترحاب شديد، بعدما أوهمتها أنه حياة صديقتها وستعود بعد أيام قليلة، وكانت تكذب طبعاً وقدّمت لها شراباً دسّت لها فيه نوعاً من المخدرات، ما جعل البنت تفقد وعيها، وعندما استفاقت وجدت نفسها على سرير عفاف، دخلت إليها الأخيرة حاملة لها القهوة وقالت لها أنّ النوم سلطان  وأنها حاولت إيقاظها لتعود إلى أهلها لكنّها لم تستطع، ثم راحت تسايرها كي لا تشك بأي شيء، وأكدت لها أن حياة أبلغتها عبر الهاتف أنها ستأتي بعد ساعات قليلة لتعيد إليها الثياب، واستطاعت عفاف أن تُقنع ماغي بالبقاء وأقامت لها مأدبة فاخرة وقدمت لها مشروباً يحتوي على المخدر ما حكم عليها بالعذاب مدى الحياة!

افتراس ماغي!

استيقظت ماغي في اليوم التالي واكتشفت الحيلة فانهارت وبكت وراحت تصرخ وتهدّد وتتوعد عفاف، التي إنهالت عليها بالضرب واحتجزتها في إحدى الغرف، وراحت تحقنها بالمخدِّر حتى أصبحت مدمنة، وأصبح لها اسم شهرة وهو وفاء، فتحولت إلى فتاة ليل مُكرهة، وحاولت أكثر من مرة الإنتحار لكنّ البنات كن ينقذنها في اللحظة الأخيرة!

في أحد الأيام دخل بيت عفاف شاب يدعى أنطوان، الأخير كان خطيب ماغي التي أصبحت وفاء، فاختبأت وأخبرت معلمتها عفاف أن هذا الشاب كان خطيبها.

وأنها ترفض مقابلته، لكنّ عفاف طمأنتها بأنها قبضت منه 50 ليرة لبنانية ثمن اللقاء، وأنه لن يجرؤ أبداً على قتلها بوجودها معهما، ثم جرّتها إليه حيث هو ينتظر في الغرفة المجاورة!

التقى انطوان بماغي وأخبرها أنّه بحث عنها كثيراً، وبعدما علم بما حصل لها أصر على مساعدتها، وأقنعها بالهرب معه إلى جونية مؤكداً أنه مازال يحبها وأنه يريد أن يتزوجها، لكنّها رفضت خوفاً منه ومن أهلها الذين يشنقون البنت التي تُعرِّض أهلها للعار.

بعد أسبوع جاء والد ماغي ومعه أحد أقاربه، وبعض «القبضايات» فخافت عفاف من الشوشرة بعد أن صمّم على إسترداد ابنته بالقوة، فهدد وتوعد، فأطلقت عفاف سراح ماغي بعد أن قالت لها سراً أنها ستُعيدها إليها بعد ثلاثة أيام، وما أن مرت الأيام الثلاثة حتى استعادت عفاف ماغي، وعاد الوالد من جديد ليُطالب بابنته، فقالت له عفاف أنّ القرار بيد ماغي، ولا علاقة لها بالموضوع، ثم انفردت بماغي وقالت لها أنّ والدها مصرٌ على استرجاعها ليغسل عاره بيده!

هنا إرتعبت ماغي فسقتها عفاف على الفور  كأس ويسكي، وما أن انفرد بها أبوها، راح يسترضيها ويغريها بالمال معلناً له أنه سامحها وسيؤمّن لها مبلغاً وقيمته 5000 آلاف ليرة لبنانية، لضمان مستقبلها، شرط أن تترك بيت الملذات، لكنّ ماغي رفضت العودة خوفاً من القتل.

حاولت البنات إقناع ماغي بالعودة إلى أهلها لكنها ظلّت خائفة من أن يذبحها شقيقها، إلا أن إحدى البنات وتدعى ليلى أقنعتها بالهرب معها فجر اليوم التالي، لكنّ عفاف شعرت بالأمر، فجعلتها تثمل واستطاعت أن تنتزع منها الكلام الذي دار بينها وبين البنات حول خطة الهرب..وكانت الكارثة!

ماء النار

حين علمت عفاف بنوايا ليلى ووفاء أو ماغي، جُنّ جنونها فهجمت على ليلى تضربها وحاولت تشويه وجهها بماء النار، لكنها ما لبثت أن تراجعت عن الفكرة ، لأن ليلى جميلة ولها زبائن أثرياء يقصدونها، وتشويهها سيُفقدها مورداً كبيراً، لذا اقتصر الأمر على حجزها لخمسة أيام في إحدى غرف المنزل، ثم أفرجت عنها وسامحتها بعدما حذّرتها من تحريض البنات على الهرب ثانية، وعلى أثر هذه الحادثة، عملت عفاف على تشديد الحراسة، وأعطت حارس مبناها مسدساً وأمرته بالمراقبة الدائمة للداخلين والخارجين، وأجازت له استعمال العنف، إذا فكرت إحدى البنات بالهرب وطمأنته بأنّها ستحميه من تهمة القتل.

فكرة الهرب ظلّت حاضرة بقوة في بال ليلى رغم أنها كانت تعلم أنه أمرٌ صعبٌ، ومع ذلك، فعادت تُخطط للتخلص من الوكر المشبوه، وقررت أن تنفّذ خطتها يوم تغيب عفاف عن البيت، فتتوجه إلى الخيّاطة أو الكوافير أو لزيارة أحد الأثرياء، لكنّ غيابها لم يكن ليطول عن المنزل إلا لساعات قليلة، فكانت تفشل في تنفيذ خطتها، وكاد الأمل يخبو في نفسها، حتى أتضح لها أن عفاف (حامل) وهذا يعني أنها ستدخل المستشفى لتلد وأنّها ستغيب أياماً، وربما ستطول إقامتها في المستشفى، ورسمت خطة ولم تقل لأحد عنها.

حان موعد وضع عفاف لطفلها، فخرجت من البيت إلى المستشفى، لكن المراقبة كانت شديدة على البنات من قبل (سعيد/ خ)، وعادت عفاف بعد أيام تحمل مولودها الذي أسمته(الياس)، ولكن من هو والد الياس؟ ولماذا قيل أنه ابن المسؤول اللبناني الكبير(ش/س)؟

حتى اليوم لا أحد يعرف الحقيقة، وعادت عفاف لتمارس نشاطها كما السابق، بل على نطاق أوسع وصارت تستغل البنات أكثر ، فكانت تشتري لهن الثياب والعطور بهدف إغراء الزبائن، وكانت كل تلك المشتريات تقدر حينذاك بحوالي العشرين ليرة لبنانية، فتقبضها من البنات على أنّها مائتي ليرة، وهكذا كانت تتاجر بهن وتبتزهنّ، ما جعل ليلى تصمم على الهرب حتى لو كلّفها الأمر حياتها.

جاءت الفرصة السانحة التي خرجت بها عفاف من البيت وأرسلت ليلى حارس المبنى لشراء علبة سجائر لها، بعد أن زوّدته بالبقشيش وفرّت هاربة، وبسرعة اجتمعت بالصحافي حبيب مجاعص واعترفت له بكل التفاصيل التي نشرها على حلقات، والتي أقامت الرأي العام ولم تُقعده، وبدأت دائرة الفضيحة تتّسع وثارت عفاف وأزلامها، وهم يطّلعون على ما يُنشر، وفي تلك الأثناء بدأت تجاوزات المسؤول الكبير تخرج إلى العلن، وهو الأداة التي من خلالها استمرّ، بل طال طريق المضيّ في الرذيلة وارتكاب المعاصي بحق البريئات وكانت المفاجاة الكبرى؟

عفاف الثانية إسمها منتى حيدر ومقرّها رأس بيروت روّجت للرذيلة في دهاليز بيوتها وكان لديها مداخل سرية تحت الأرض شريكها في الدعارة تاجر عربي سلمته شرطة بلده إلى لبنان إسمها لطيفة واشتهرت بجواهر لتنافس الراقصة التي تحمل نفس الإسم القبضايات منعوا أهلها من إعادتها وفي العراق أقامت علاقة مع مسؤول كبير كان يقصد بيتها أولاد العائلات والشخصيات البارزة وأكدت أنّها لم تُلحق العار بآلـ(ك) تزوّجت من(ح) وأنجبت منه ثلاث أولاد وأصبحت نجمة شارع ستاركو أولاد عائلات لبنانية شهيرة يدّعون العفة ويشتمونها علناً كانوا يزورونها في السر! وفاء أشهر قوّادة في مصر استخدمت البنات وابنتيها أيضاً تجاهلها المنتجون والمخرجون وقُتلت بشكل مريب أصبحت بلا منزل وشوهدت في منطقة (عفيف الطيبي) على عكاز في حالة مزرية! ميمي جمال بريئة لعدم كفاية الأدلة ميمي شكيب شبكتها ضمّت فنانات ورغم البراءة أُصيبت بالصم والبكم.

غابت عفاف عن السمع والبصر، فظنّ البعض أن فضائحها انتهت، لكنّها عادت وظهرت من جديد وهي تملك ثلاث بنايات فخمة في لبنان، وثلاث سيارات، وفي منزلها سيدات ينتمين إلى أسر مرموقة. وكانت عفاف الجديدة تستقبل في دارتها روّاد المتعة والملذات، وكان يقع منزلها في منطقة (رأس بيروت).

انتشرت الأقاويل، ثم أشارت الأدلة إلى البيت المشبوه فداهمته الشرطة، لتكتشف أنّ روّد المنزل أبناء وبنات عائلات كبرى، فتم اعتقالهم جميعاً واقتيدوا إلى التحقيق بسرية تامة.

من هي عفاف الثانية

اسمها الحقيقي منتهى حيدر، سيدة جميلة من عائلة كريمة، لكنها كانت صاحبة شخصية فاجرة، سلكت طريق عفاف نفسه، فتحت أبواب بيتها الفخم للفسق والفجور، وبعد ذلك ارتفع رصيدها في البنوك، فزيّنت بيوتها الثلاث بالأثاث الفخم والنفائس من محلات(كوستي)، ومن كبار المحال في فرنسا وإيطاليا، وجعلت لبيوتها مداخل سرية، فقيل أن لإحدى هذه البيوت دهاليز تحت الأرض، يدخل عبرها الرجال والنساء، بعيداً عن الأعين، لتشهد مسرحاً للرذيلة. مضى المحققون في فضائح (عفاف الثانية أو عفاف الجديدة) ليكتشفوا سراً رهيباً، وهو أنها متواطئة مع شريك لها، وهو تاجر معروف، يملك محالاً عدة في لبنان وسوريا ومباني وسيارات، فبدأ البحث عن التاجر، الذي تبين أنه هرب إلى بلد عربي، بعد اعتقال عفاف الثانية بساعة واحدة فقط.

جرت اتصالات بين السلطات اللبنانية وسلطات البلد العربي لتسليم التاجر الشريك، ثم تم اعتقال خمس نساء، والإستماع إلى إفادات عدد من المشتبه بهنّ، من بنات الأسر المحترمة اللواتي كنّ يزرن منتهى بقصد المتعة، والتي ما لبث أن حُكم عليها بالسجن.

زعيمة ليل الستينات والسبعينات ألمع نجمة في شارع الخطيئة كانت(أ/و/ك). بعد سنوات من العمل، تابت وحجّت، لكنّ حياتها كانت مختلفة عن كل زميلاتها.

كانت أشهر زعيمة لعالم الليل في الستينات، والسبعينات، واسمها الحقيقي (لطيفة الشوري) من مواليد حيفا فلسطين، عام 1925. تهجرت كما كل الفلسطينيين عام 1948، وعاشت في بيت جدتها لأمها في لبنان.

تزوجت الأم، من رجل سوري بعد طلاقها، وسافرت إلى دمشق لتعيش معه، تاركة طفلتها لطيفة في بيت الجدة وبعُهدة خالها. كانت الطفلة جميلة جداً، لكن لها تطلعات عدة للحياة، وبقدر ما كانت جدتها حنونة عليها، كان خالها قاسياً عليها. فبعد أن لمس إقبالها على الحياة، راح يتشدد في مراقبته ويُرعبها، مانعاً إياها من تحقيق أحلامها، خوفاً من أن تسير على خطى جدتها لأبيها، التي كانت سيئة السمعة، فتؤجر شققاً للإنجليز في حيفا، لملاقاة بنات الليل. وهكذا عاشت لطيفة بين القسوة، والحنان، في بيت جدتها وخالها، وكانت تزور والدتها مرة كل أسبوع.

لقاء(ح/ك)

كبُرت الفتاة، وبدأت ملامح جمالها تظهر بوضوح، ما جعل جدتها تخشى عليها، وكانت دائماً تنبهها إلى أن شرف البنت، هو أعز ما تملكه في الحياة، لكنها لم تكن تهتم بكلام جدتها التي تقدم بها العمر، وغالباً ما كانت تُغافلها، وتخرج خفية من البيت لتتمشى في الشوارع، ومن هنا دخلت في طريق الخطيئة، فالتقت ذات يوم، خلال أحد مشاويرها السرية، بفتاة من آلـ (ت)، وهي عائلة مشهورة في لبنان فتوطدت علاقتهما، وحصل أن دعتها مرة لمرافقتها إلى سباق الخيل، لتُعرِّفها على شخص يُدعى(ح/ك)، يستطيع أن يعلمها كيف تراهن على الأحصنة، فإذا ربحت يمكنها جمع أكبر قدر من المال بأقصر وقت. راقت الفكرة للطيفة، فرافقت صديقتها إلى السباق وهناك التقت بـ (ح/ك) الذي أرتبط مصيره بمصيرها منذ أول لحظة. راهنت لطيفة على أحد الأحصنة بإشارة من (ح) وكسبت الرهان، ودخل مال الحرام إلى جيبها لأول مرة.

احتراف الغناء

كان (ح) يكبر لطيفة بثلاثين سنة، أي كانت بعمر ابنته الكبرى وتُدعى (ع)، وبدأت لطيفة تتودد سراً لـ (ح)، خصوصاً بعدما علمت أنّ قريباً له يدعى(أ/ع/ك) يُدير (ملهى الباريزيانا)، فقررت أن تدخل غمار الغناء، خصوصاً وأنها تملك صوتاً جميلاً، واتفقت مع (ح) على أن يُدبر لها موعداً مع قريبه. وفي اليوم المحدد، ارتدت ثوباً لافتاً، وانتعلت كعباً عالياً، وراحت تتمختر أمام (أ/ع/ك) الذي أعجب بشكلها، وصوتها، وقرر على الفور أن يطلق عليها إسماً فنياً وهو (جواهر).

من هي جواهر الحقيقية؟

جواهر كانت راقصة وأشهر من نار على علم، شاركت في تمثيل عدد من الأعمال الدرامية المصرية، تزوجت الفنان الكبير حسن المليجي لفترة وجيزة، لكنّه ما لبث أن طلقها، وكان(أ/ع)على ما يبدو، على خلاف مع جواهر الحقيقية، فقرر أن ينتقم منها وينافسها بلطيفة فسرق اسمها، وأعطاه للطيفة، ثم طلب منها أن تصبغ شعرها بالأحمر لتبدو مثل جواهر الأصلية. وافقت لطيفة وصبغت شعرها، واعتلت خشبة الباريزيانا، وبدأت تغني، دون علم أحد لا سيما خالها. خشيت أن يُفتضح  مرها، فهربت من البيت، بعدما توطدت علاقتها بـ (ح) الذي ما لبث أن استأجر لها شقة، وأقام معها، وراح يُنفق عليها ببذخ.

افتضاح أمرها

طار صواب خال لطيفة، حين علم بهروبها من المنزل وباحترافها الغناء، وبأنها تقيم في شقة في منطقة طريق الجديدة مع رجل، فاستدل على عنوانها، فتفاجأت (لطيفة) أو (جواهر بوجوده) وبصحبته شقيقها الأصغر الذي علم بالأمر أيضاً، والذي كان استقدمه من سوريا خصيصاً، لاستعادتها، لكن(ح/ك) رفض أن يسمح لها بالخروج من الشقة، وحصل تشابك بالأيدي بين الرجال الثلاثة، انتهى في المخفر، حيث سارع بعض المسؤولين إلى التدخل لإنهاء الموضوع بإيعاز من شقيق(ح)، ويُدعى(ع/ح/ك)، الذي بدوره أرسل رجالاً ضربوا خال لطيفة، بعدما استدرجوه إلى منطقة الصنايع.

علمت أم لطيفة بالأمر فطار صوابها، وتركت دمشق وتوجهت إلى لبنان، فقصدت مكان إقامة ابنتها، بعدما علمت أنها تقيم مع المدعو (ح).

بكت الأم كثيراً وطلبت من الأخير أن يتزوج ابنتها ليستر عليها، فما كان منه إلا أن جاءها بوثيقة مختومة، وعليها بعض الطوابع، وأكد لها أنه تزوجها على سنة الله ورسوله، والحقيقة كانت مغايرة لذلك، إذ أن الورقة التي أبرزها كانت ورقة إيجار الشقة التي يسكن فيها، فانطلت الحيلة على الأم، وعادت إلى دمشق وهي مطمئنة على ابنتها.

ملاحقة جديدة

خافت (جواهر) أو (لطيفة) من بطش أهلها، فصار (ح) يصحبها أينما حل، الا أن الخوف ظل يلازمها، فطلبت من ابنة خالة أمها، وكانت زوجة مدير مركز شرطة، أن تتوسط لها لدى إدارة ملهى(عجرم)، للغناء هناك فكان لها ما أرادت. كبُرت شهرة جواهر الجديدة، وكثر المعجبون بها وذاع صيتُها لدى الزبائن، فوصلت أخبارُها المشينة إلى أقاربها، ومن بينهم ابن عمتها، الذي هالهُ الخبر، فلحق بها وحاول قتلها، لولا تدخل القبضايات ورواد الملهى.

ومنذ ذلك الحين قررت جواهر أو لطيفة ترك لبنان، وتوسيع نشاطها في الخارج، فسافرت إلى العراق، وهناك تعرفت إلى مدير غرفة الصناعة والتجارة في بغداد، ويُدعى كامل الخضر، فأغوته وأعجب بها.

وفي بغداد حققت جواهر الجديدة شهرة كبيرة، لدرجة أن صيتها وصل إلى مسامع شخصية مرموقة أرسل بطلبها للغناء وقضاء ليلة معه، ورغم أن كثيرات من بنات الليل، حذرنها من خطورة الأمر، إلا أنها غامرت وذهبت إليه، فأمضت معه سهرتها وأغدق عليها بالهدايا، ثم غادرت قصره مسرورة. وفي اليوم التالي دعاها لنزهة، وكانت معهما المغنية نونا الهنا، فحصل حادث مروع كاد يقضي على المسؤول الكبير، إذ انحرفت بهم السيارة، لكنّ وسائل الإعلام، عتّمت على الخبر. وظلت لطيفة في العراق وأصبحت أشهر بنت ليل، ورغم تعرفها على كبار الشخصيات والمسؤولين، إلا أنّها لم تنس(ح) وراودتها أفكار مرعبة.

الزواج

عادت لطيفة إلى لبنان، والتقت بـ (ح/ك) وعاد الودّ يجمعهما من جديد، حتى تعلق بها وتزوجها، وأنجبا ثلاثة أطفال.  وخلال ذلك افتتحت بيتاً للمتعة، وأصبحت أشهر نجمة في شارع ستاركو، في عز الحرب الأهلية، وأصبح اسمها(أ/و/ك)، وما ميزها في مجال عملها، أنها لم تكن تُجبر أي من البنات على العمل لديها، بل كانت تجاملهنّ كأم أو أخت كبيرة. علّمت أولادها الثلاثة أفضل تعليم، لاسيّما ابنها البكر (و/ك)، الذي كبر وصار صاحب مربع شهير، فمنع أمه عن العمل وجعلها تحُج إلى بيت الله الحرام وتتوب.أما ابنتها، فتزوجت في سن مبكرة في سوريا، وأنجبت صبية عملت في مجال التمثيل، وعن ابنتها قالت(أ/و/ك): ترملت إبنتي في عز شبابها، لكنها لم تعُد إلى لبنان، ولم تتزوج، وانصرفت إلى العبادة وتربية ابنتها أفضل تربية. وعن عائلة زوجها قالت: كانوا يكرهونني ويعتبرون أني جلبت العار للعائلة، وكان ردي عليهم بأنّي اشتهرت باسم عائلتهم الكريمة التي لها ثقلها في لبنان.

أما ابنها الصغير (ع)، فلم تكن تأتي على سيرته لخلاف بينهما، كونه لم يتقبّل الأجواء، إضافة إلى السمعة السيئة التي أُلصقت بالعائلة، لكنها أي(أ/و/ك)اعترفت أنّ صديقتها النجمة العربية الشهيرة (م/خ) هي التي أفسدت ابنها، وجعلته مدمناً في أقصرِ فترة. ثم ما لبث أن أقلع عن الإدمان، وتزوج من خادمة منزلهم، وترك البيت ليعيش حياته بعيداً عن العائلة.

وتقول (أ/و) أن قيادات وشخصيات مهمة كانت تزورها وأنّ شخصية عربية مهمة جداً اشترتمنها قطعة أرض كانت تملكها في الجبل، وأن أولاد عائلات لبنانية شهيرة يدّعون العفة ويشتمونها علنا، كانوا من زوارها الدائمين بالسر!

بلا منزل

مرت الأيام وندمت (أ/و/ك) على سلوكها القديم حتى بعد أن أقلعت عنه، لكنّها كانت متصالحة مع نفسها، كونها لم تجبر أحداً على المضي في طريق الرذيلة، كلهنّ كنّ يأتين للعمل عندها برغبتهن، وهي بالمقابل لم تُلحق العار بآلـ(ك)، كما يدعّون دوماً، لأن بيتها في شارع ستاركو كان يُشار اليه لأنّ كان البيت الأشهر فساداً، في تلك الحقبة.

وعن الفيلم اللبناني الذي أُنجز وقدمت فيه الفنانة (لـ) شخصيتها، قالت أنه أظهرها بصورة بشعة جداً وأن الفنانه(لـ) كانت صديقتها، لكنها أدت دورها بشكل سيء. لكن ماذا حصل لها وأين هي اليوم؟  ابنها الكبير حُجز على ملهاه، وولداها لا يتعرفان إليها، وقيل أن ابنها الأصغر(ع) مات، أحفادها لا يتحدثون إليها مطلقاً، وتحديداً أولاد ابنها البكر الذي تحبه كثيراً، وهو انفصل عن زوجته ولم تعد الجدة تراهم، وصارت تتنقل من فندق لآخر، ومرات عدة زارتنا وساعدناها وأمنا لها إقامة وثياباً ومصروفاً، فكانت تروح وتجيء إلى مكاتبنا وتروي لنا ما حدث في حياتها.

هذه المرأة نكتب عنها بقسوة أقل، لأننا تعرفنا عليها، ولأنها لجأت إلينا، ولأنها صارت بلا مأوى بعد سجن ابنها الكبير الذي كان ملاذها الوحيد، وشوهدت لفترة في منطقة (عفيف الطيبي) تمشي على العكّاز وفي حالة يرثى لها.  وفي كل مرة كنا نقوم بواجباتنا مع سيدة اعتدت على نفسها أو هو القدر، أم..لا نعرف لأنّ حسابها عند الله وليس بين أيدينا.

ميمي جمال

عشرات قضايا الدعارة يتم ضبطها وتُتهم فيها فنانات وفتيات إعلانات، وتتداول القضايا في المحاكم بعد ضجة إعلامية كبيرة، وفي النهاية يصدر الحكم بالبراءة. في بداية السبعينات، وتحديداً العام 1974 تم إلقاء القبض على أشهر شبكة دعارة, كانت تديرها الفنانة ميمي شكيب ومعها في الشبكة 11 سيدة منهنّ ثماني فنانات. تمّ تسمية القضية حينذاك بـ(شبكة الآداب الكبرى) وحملت الرقم 6271.

حدثت الواقعة عندما وصلت معلومات إلى وزارة الداخلية, مفادها أن السيدة أمينة شكيب, وشهرتها ميمي تدير شبكة للآداب. ووردت أسماء أعضائها من السيدات على الشكل التالي: ميمي جمال، مشيرة إسماعيل، آمال رمزي، زيزي مصطفى، ناهد يسري، كريمة الشريف وأخريات ممّن يعملن خارج نطاق الفن، والقضية يومها بُنيت على مكالمات هاتفية وُضعت تحت المراقبة، فكانت صدمة للناس, وأحدثت تساؤلات حول إمكانية براءة المتهمات من القضية التي جعلت ميمي تُصاب بالصم والبكم, من هول الصدمة المدوية, في كل أرجاء الوسط الفني المصري.

شبكة وهمية وصدور الحكم

مع تكثيف الإجراءات والتحقيقات لم يتبين وجود مواصفات وأدلة تؤكد توريط المتهمات, وبالتالي وجود شبكة آداب تديرها ميمي شكيب، فصدر الحكم من القاضي ببراءة جميع المتهمات لعدم كفاية الأدلة.

لكن ماذا حدث بعد ذلك لميمي شكيب؟

نهاية مأساوية

قضت خلف القضبان، حوالي 170 يوماً ولم تكن تدرك أن القضية ستقضي على ما تبقى لها من شهرة وسمعة طيبة. ميمي شكيب من عائلة ذات صلة قربى باسماعيل باشا صدقي، تزوجت مرة واحدة فقط من الفنان سراج منير، وبقيت معه إلى أن توفي، ولم ترتبط بسواه.

لكن في بدايتها الفنية كان معجباً بها رئيس الديوان الملكي أحمد حسنين باشا، الذي ما لبث أن ابتعد عنها، بعد أن علمت الملكة نازلي بالأمر، وكان على علاقة بها أيضاً، ثم أُعجب بها أحمد عبود باشا وتوطدت بينهما العلاقة حتى اندلعت ثورة 1952، فانصرفت ميمي إلى عملها الفني.

وبعد رحيل زوجها رفضت الإرتباط، وكانت تجمع من حولها الفنانات، خصوصاً اللواتي بدأن صعود سلم الحياة الفنية، حتى حصلت القضية التي خربت حياتها.

عانت الكثير ولمدة ثماني سنوات، فلم يعد يطلبها المنتجون، ولا المخرجون إلا بأدوار قليلة وثانوية، وكانت تلوذ بالصمت وتوافق، معتبرة أنها تدفع ضريبة حياة البذخ التي عاشتها.

وعندما ضاق بها الحال، طلبت من وزارة الثقافة إعانتها مادياً، وتم تخصيص معاش استثنائي لها، بعدها ساءت حالتها النفسية، فأودعت في إحدى المصحات لبضعة أشهر، ثم ماتت في حادث مأساوي، إذ قُتلت ورُميت من الشرفة.

قيل من ضمن ما قيل أنه تم التخلص منها من قبل بعض رجال السياسة، ممن كانوا يشاركون في إدارة شبكتها، لكن لم يتم التوصل إلي أي نتيجة، وانتهت حياة سيدة الصالون الفني خلال حقبتي الأربعينات والخمسينات، بعد أن كانت تعيش بالطول وبالعرض، دون أن تستمع نصيحة أحد.

قضية الثمانينات

وفي الثمانينات، تمّ إلقاء القبض على شبكة آداب، ضمّت الفنانة عايدة رياض وكومبارس تُدعى ليلى يوسف واسمها الفني ليليان، ووسط مشاعر الخوف والدهشة بدأت المتهمات، بالإدلاء باعترافاتهن، بينما عايدة رياض كانت تبكي بشكل هيستيري وتؤكد أنّها بريئة، وأكد محاميها أنها فنانة ومشهورة، وراقصة فنون شعبية، وليست من شارع الهرم، وأنها حائزة على جائزة التمثيل الأولى على أحد أفلامها.

كما شهد زوجها حينذاك المطرب محرم فؤاد، على أن زوجته ليست سيئة السمعة، وأنّْها قبل أن تسافر لأي بلد، تتحرى عن سلوك الناس الذين ستعمل معهم، وأنه بعد الزواج منها لم يفارقها أبداً، ووسط جو مشحون بالتوتر والإنفعال وإجراءات أمنية مشددة، وعلى مسمع من الحضور في المحكمة، تلا الرئيس حكمُاً بحبس المتهمات، نور الصباح وسوزي وليليان، التي عاقبتها المحكمة بجنحة آداب بالحبس لمدة خمس سنوات، تم تخفيضها إلى عامين ونصف العام، ودفع غرامة 500 جنية ومصادرة سيارتها. أما عايدة رياض فأُفرج عنها، واليوم تقول أنّ كثيرين نصحوها بفتح ملفها من جديد، كي تعرف من ورطها في تلك القضية لكنّها رفضت، لأن ذلك لن يعيد إليها كرامتها كما تقول، وكثرًٌ أكدوا لها أن بعض رجال النظام السابق كانوا وراء هذه التهمة، ومع ذلك اعتبرت أنهم ورطوها وانتهى الأمر، وأنّ الجمهور كان واثقاً من برائتها، التي ما لبثت أن ظهرت، مشيرة إلى أنها حتى اليوم لا تنسى مساندة زوجها، الذي آزرها لدرجة أنه أقام حفلة بعد الإفراج عنها.

فتاة الإعلانات اعتزلت

عام 1995 أُلقي القبض على فتاة الإعلانات الشهيرة نسرينا، ضمن شبكة آداب، وبعد خروجها من القضية رفض المنتجون التعامل معها.

وللعلم نسرينا كانت احتلت في فترة وجيزة عرش الإعلان في التلفزيون المصري، من مساحيق غسيل أشهرها(سافو)، ومنه انتقلت إلى التمثيل التلفزيوني، وكانت في طريقها إلى السينما، لولا إلقاء القبض عليها، ثم حصولها على البراءة لكنّها ما لبثت أن اعتزلت الأضواء.

قوادة مدينة نصر

في صيف أيار/مايو عام 1997، تم إلقاء القبض على واحدة من أكبر شبكات الآداب في مصر، وكان عددهنّ 33 فتاة، تعملن أغلبيتهن في الإعلانات، وتديرهن زعيمة تُدعى وفاء، تقيم في مدينة نصر، وتسهل مسكنها للدعارة مقابل فائدة مالية.

وصلت المعلومات عنها للمقدم أحمد الخطيب، المفتش في الأدارة العامة لمكافحة الآداب، فوضع هاتفها تحت المراقبة لمدة 30 يوماً، وسُجلت لها مكالمات هاتفية، أكدت قيامها بإدارة الشبكة، ثم تبين أنها أي القوادة وفاء، تتخذ الحيطة والحذر خلال ممارسة نشاطها، وترمز للبنات اللواتي سترسلهنّ للزبائن بأسماء السيارت، كما كانت تغيّر رقم هاتفها من حين لآخر، وتبين أن ابنتيها (هبه ودينا) يساعدانها وكذلك شقيقها. بعد البحث أذنت النيابة لرجال مكافحة الدعارة، باقتحام بيت القوادة، فتمّ إلقاء القبض على الشبكة التي تضم (دينا 20 سنة طالبة، فتاة إعلان، سهام 20 سنة ممثلة، سالي 25 سنة، إيناس 18سنة، ريهام، علا ورشا)، أما هبة إبنة المتهمة فقالت: إنها وشقيقتها، تعيشان مع أمهما، التي انفصلت عن والدهما ولا تعرفان عنه شيئاً، وإنّهما اعتادتا على وجود فتيات في البيت، وعن طريق أمهما بدأتا تسايران الزبائن وتسهران مع العرب، بسبب حاجتهما للمال، كما أنّ ظروفهما النفسية لم تكن جيدة، مشيرة إلى أنّ كل منهما ما تزال عذراء، وأنّ والدتهما كانت تتقاضى الأجر بدلاً عنهما.

أما القوادة وفاء، فأنكرت التُّهم المنسوبة إليها، مؤكدة أن المقبوض عليهنّ لسن بنات هوى، وكن يترددن على الفنادق، وأن ابنتيها بريئتان من ممارسة الفحشاء، وأنّها اضطرت لتغيير رقم هاتفها أكثر من مرة، كي لا تتصل بها أي من البنات السيئات السمعة، لأنها ضمناً قررت عدم معاشرة أي من الساقطات، وكانت تريد أن تعمل في التجارة، وأقسمت أنها لم تسهِّل الدعارة لابنتيها، بل شاركت بعض البنات في ذلك، وأنّ كل اللقاءات كانت تحصل خارج منزلها.

تبيّن فيما بعد أنّ القوادة معروفة جداً لدى الشخصيات العربية الثرية، وكانت دائمة السهر في الأماكن التي تجتمع فيها بنات الإعلانات، ولم تتورع عن تشغيل ابنتهيها، وهما في عمر الزهور.

وكل الفتيات المضبوطات تتراوح أعمارهنّ بين الـ 16 والـ 25 سنة، وتبيَّن أن كل العملاء والزبائن اللواتي تعتمد عليهنّ عضوات الشبكة، هنّ عربيات، وهكذا أُسدل الستار على حكاية وفاء أشهر قوادة في مصر في التسعينات.

ماذا عن فضيحة العام 1969 في لبنان؟

تابعونا

اعداد/ابتسام غنيم

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار