بوستر مسلسل (الثعلب)
بوستر مسلسل (الثعلب)

الاختلاف في المضامين خلال الماراثون الرمضاني الدرامي، أمر ضروري لكسب الأذواق على اختلافها، لكن بات ملاحظاً في السنوات الاخيرة أن معظم المسلسلات تكون إما مقتبسة أو مليئة بالأكشن، أو الأمراض النفسية أو الكوميديا التي لا تحمل هدفاً بإستثناء القليل منها، بينما في السابق كان المعروف عن الأعمال الجاسوسية أن لها جمهوراً كبيراً لاسيما في الشهر الفضيل، وكانت تُبيّن مدى كفاح رجال المخابرات وبالتالي وطنية الشباب العربي.

الفنانة اللبنانية نجاح سلام
الفنانة اللبنانية نجاح سلام

إن مثل تلك الأعمال التي تلهب الروح الوطنية في نفوس المشاهدين، لم يُقدم منها في السنوات الأخيرة إلا محاولات بسيطة لكنها جيدة، مثل (الصفعة) للواء عادل شاهين، بطولة شريف منير، وذلك قبل أربع سنوات ونال نسبة مشاهدة عالية كونه مأخوذاً من ملف المخابرات المصرية، وأيضاً مسلسل (حرب الجواسيس) للممثلة المصرية منة شلبي وهو أيضاً مأخوذ عن قصة حقيقية حصلت لصحافية تدعى ليلى عبد السلام وسُميت بالمسلسل (سامية فهمي) ورصد جولة جديدة من ملفات الصراع العربي الإسرائيلي في فترة ما بعد عام 1967.

بوستر مسلسل (حرب الجواسيس)
بوستر مسلسل (حرب الجواسيس)

كما كانت النجمة المصرية إلهام شاهين الوحيدة التي تجرأت وانتجت مسلسلاً هو (نظرية الجوافة) الذي كشفت فيه عيوب حكم جماعة الإخوان، الذين قاموا بحملة شرسة ضدها على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة العمل لأنه يسخر من حكمهم وفتواهم وتكفيراتهم. أما الفنان السعودي ناصر القصبي فقد كان الإجرأ عندما شمل عدة موضوعات تعاني منها الأمة العربية في مسلسله (سيلفي) ومنها موقفة ضد داعش الحلقة التي أثارت جدلاً خصوصاً المشهد الذي أراد فيه ناصر وضمن سياق الأحداث منع ابنه من الإنخراط في صفوف داعش فيفشل ويكون نصيبه الذبح على يد ابنه الشاب!.

بعد هذه الحلقة التي لطش بها القصبي ما يحدث من غسيل لعقول الشباب وتشجيع جهاد النكاح توعدته جماعة داعش بفصل رأسه عن جسده ووصفته بالزنديق، ليكمل باقي الحلقات ويتطرق إلى عدة أمور تهم مجتمعنا مثل الفروقات بالعادات بين أهلي السنّة والشيعة وكيف أن الخلاف بينهما يوصلهما إلى مصحة الأمراض العقلية في أمريكا.

بوستر (درب الياسمين)
بوستر (درب الياسمين)

وكان القصبي تطرق إلى الفكر الوهابي الذي لم يرحمه هو الآخر وكفره ثم عاد واعتذر منه كي لا يثير بلبلة في السعودية.

من هنا يظهر لنا جلياً أن الأعمال الوطنية والجاسوسية هي ضرورة درامية منذ سنوات طويلة وقبل أن تظهر داعش وأخواتها من الجهات الإرهابية. إذ كانت تلك الأعمال بمثابة جهاز إنذار لما سيحصل لاحقاً في المنطقة العربية وعما ستفرزه الصهيونية من خلايا لتشتت الأمة العربية. ولعل أهم تلك الأعمال التي عرفت في خريطة الفن الدرامي مسلسل (رأفت الهجان) للنجم المصري محمود عبد العزيز الذي كان عبارة عن ملحمة وطنية من ملفات المخابرات المصرية تحكي سيرة الجاسوس المصري (رفعت علي سليمان الجمال) الذي تم زرعه داخل المجتمع الإسرائيلي للتجسس لصالح المخابرات المصرية، وكان له دوراً فعالاً في الإعداد لحرب أكتوبر.

أما مسلسل (دموع بعيون وقحة) فبطل المسلسل هو جمعة الشوان (إسمه الحقيقي أحمد الهوان) الذي تمكن من التجسس على إسرائيل لصالح مصر وأمد بلده خلالها بالعديد من المعلومات التي كانت سبباً في نصر أكتوبر، إضافة لتمكنه من الحصول على جهاز إرسال نادر وقتها لم تكن تملكه سوى إسرائيل، وجسد دوره حينها النجم المصري عادل امام.

النجم المصري عادل إمام
النجم المصري عادل إمام

أما مسلسل (الحفار) فدارت أحداثه حول كفاح المخابرات المصرية لتدمير حفار أمريكي ضخم إسمه (كينتنغ 1) استقدمته إسرائيل بعد النكسة، بينما مسلسل (سقوط في بئر سبع) يحكي قصة حقيقية مأخوذة من ملفات المخابرات المصرية اشتهرت باسم بطلتها الحقيقية (انشراح موسى)، (الثعلب) لعبدلله غيث ونور الشريف، و(العميل 101) يحكي قصة حقيقية من ملفات المخابرات العامة المصرية عن زرع العميل المصري 101 داخل إسرائيل، وكلها كانت أعمالاً ذات معنى وهدف ورسالة قيمة بتنا نفتقدها اليوم..

السؤال على من يقع الحق؟ المنتج مثل التاجر همه الربح المادي وبات يعي أن الأعمال الجاسوسية قد لا تلقى جذباً لدى القنوات عندما يعرضها للبيع فلماذا عليه تكبد الخسارة؟

وماذا عن الكُتاب هل خلا خيالهم من تأليف قصص وطنية أم أصبح الاقتباس والقص اللزق هوايتهم وتفصيل الدور للنجم الفلاني والنجمة علانة أمراً ضرورياً ليؤمن الكاتب قوته؟

وماذا عن الممثلين؟ فلنفترض مثلاً أنهم أرادوا تقديم أعمال جاسوسية، فالأمر الطبيعي أنهم سيقبعون في بيوتهم لسنوات طويلة بإنتظار عمل  بالكاد، وهنا في المقابل لا يمكن أن نتجاهل أنه في لبنان قُدمت ثلاث أعمال هي (قيامة البنادق) وكان فيه مجموعة من الفنانين من لبنان وسوريا والأردن وتونس وممثلون أرمن أيضاً فنال المسلسل تنويها من الأمن العام اللبناني، وذلك قبل أربع سنوات اذ تطرق لتاريخ لبنان ونضاله ضد المستعمر العثماني، وأيضاً مسلسل (درب الياسمين) العام الماضي الذي يرصد البيئة الجهادية في قرية، ويسلط الضوء على مسيرة تحرير الجنوب اللبناني من العدو الصهويني. وكذلك مسلسل (الغالبون) بأجزائه الثلاثة والذي أطلق طوني عيسى نجماً.

بوستر مسلسل (رأفت الهجان)
بوستر مسلسل (رأفت الهجان)

ماذا ينقصنا ونحن نملك أهم “بلاتوه” من المحيط للخليج حتى نقدم مثل تلك الأعمال الهادفة سواء في السينما او التلفزيون؟ ما يضير بالسوري والمصري واللبناني والأردني والتونسي لو قدموا ملحمة وطنية تفيد الأجيال الصاعدة بدلاً من الأعمال المشتركة التي لا تغني ولا تسمن عن جوع إلا وتنفخ جيب المنتج وشركات الإعلان خصوصاً وأن العمليات الانتحارية تطال لبنان ومصر تونس سوريا وغيرها!

متى نستفيق من غفوتنا ونتوحد فنياً بعمل يهز إسرائيل وداعش؟

قبل سنوات طويلة عندما غنت نجاح سلام (يا أمة العرب) أزعجت الأغنية إسرائيل وكتبت الصحف الصهيونية “اسكتوا هذا الصوت الذي هز عرش اسرائيل”، فكيف لو اجتمع العرب في عمل  وطني ضخم في ظل ما يحصل في وطننا العربي ليوقظوا الروح الوطنية المخيبة ويساهموا في ترسيخ معاني الإنتماء عند الأجيال الجديدة ويحذرون شبابنا من المتأسلمين الذين يغسلون أدمغتهم ويكفرون هذا وذاك ويجعلوهم ينسون أن عدونا الأوحد هو الصهيوني.

 

مسلسل (سيلفي)
مسلسل (سيلفي)

ولماذا لا يتفق عدد من المنتجين بتقديم عمل وطني يتقاسمون تكاليفه وأرباحه وأيضاً خسارته لا سمح الله وهذا أقله واجب وطني يقدمونه لتدعيم أواصر الإنتماء للشباب وللوطن العربي وما أحوجنا لإبراز هذه البطولات في هذا الوقت الذي يبدو أنه هان فيه الوطن على الجميع فمزقوا جسده وقسموا أشلاءَه ولم يعد أحد يخاف عليه!

ابتسام غنيم – مكتب بيروت

بوستر قيامة البنادق
بوستر قيامة البنادق
بوستر (نظرية الجوافة)
بوستر (نظرية الجوافة)

 

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار