ليسقط حكم العائلات الفنِّية الممسِكة بالمسرح والأغنية وتُقيم علاقاتٍ مع أمثالها من الوارثين السياسيين

زياد الرحباني عاصي وفيروز

دافنشي كان متقدِّماً على عصره بأفكاره وهو من صوّر الهيليكوبتر والدبّابة قبل وجودهما

دافينشي

ستيفن هاوكينغ العبقري الحديث والمقعد وأفضل نظرياته عن الثقوب السوداء

ستيفن هاوكينغ

لم يورِث أي من أرسطو وبيكاسو وشكسبير وبتهوفين إبنه عبقريته؟

ارسطو افلاطون

مايكل أنجلو: العبقرية هي الصبر الأبدي

مايكل أنجلو

أرسطو: لا توجد عبقرية عظيمة بدون لمسة جنون

Portrait of Plato. Luni marble. Roman copy after a Greek original of Silanion. Inv. No. MC 1377. Rome, Capitoline Museums, Museum Montemartini.

هل العبقرية إرث؟
هل إبن العبقري يجب أن يكون عبقرياً؟
وإبن القدّيس قدّيساً؟ وإبن الكندرجي كندرجياً؟
عاصي الرحباني كان عبقرياً ومعه كان منصور. كلاهما شكّلا ثنائياً، وتعريف العبقرية لحقَ بهما سوياً.
لكن هل يجب أن يكون أولادهما مثلهما؟
هل لزاماً أن يكون أبناؤهما شعراء أو ملحّنين أو مخرجين؟ وهل يجب على كل من يوقِّع «رحباني» أن يكون عبقرياً؟
هل العبقرية محصول ترثه العائلة أبّاً عن جدّ؟
لو كان ذلك صحيحاً، لكان إبن النجّار نجاراً، وإبن المجرم مجرماً، وإبن الغبي غبيّاً؟
العبقرية لا تورَّث، وكلّ الأبحاث العلمية تؤكّد ذلك

البرت اينشتاين

أبناء المفكّرين والفلاسفة لم يرثوا أباءهم..
أولاد أينشتاين ليسوا (أين) ولا (شتاين) ولا ادّعوا ذلك، ولا رَكِبتهم العقدة!
وابن بيكاسو لم نرَ له «شخطة على لوحة»!
ابن الإسكندر لم يكن اسكندراً، ولا يوجد نيوتن ثانٍ، ولا حمورابي ولا بوذا ولا ماركس ولا أنجلز ولا غاندي ولا جنبلاط ثانٍ، ولا عبد الناصر ولا صلاح الدين ولا غيفارا.. كلهم لم يرث أولادهم عبقريتهم!
إذاً كيف يدّعي البعض بأنهمّ يكملون الدرب؟
كلّ هذا يعني أنّ العبقرية ليست حكراً على عائلة، وأول سمة من سمات العبقرية هي الشذوذ عن المألوف، ثمّ الإجماع والقبول. وأعطي مثالاً زياد الرحباني الذي لم يُصبح عبقرياً لأنّ والده كان كذلك، بل لأنّ شروط العبقرية توفّرت في شخصهِ، فجعلت منه صاحب خطّ فنّي شاذ عن الخطّ الذي انتهجه عاصي، ولكنه خطٌّ تقدّم فيه زياد عن كلّ الجميع، وحقَّق شعبية نادراً ما تحدُثُ لأحد.

قال سقراط: تحسين النسل هو السبيل الوحيد لزيادة الذكاء، وإنّ زواج ذكيين غريبين يُنتج عبقرياً.. وها هو زياد الذي أنجبه عاصي العبقري وفيروز العبقرية.

العائلات اللبنانية

العائلات اللبنانية خير دليل على عدم توارث العبقرية، ومعظمها اشتُقت أسماؤها من المهن التي اشتهر بها أهلها.
ولو كانت العبقرية متوارثة لبقيَ آلـ نجار نجّارين، لكنهم الآن يحتكرون صناعة البن، وآلـ مكتبي صاروا شهيرين بالسجّاد، وآلـ دبّاس مبدعين بالإضاءة، وآلـ خبّاز تركوا الخبز واشتهروا بالألبسة.. أما آلـ الخوري فهم ليسوا خوارنة، ولا آلـ حلاق وخيّاط وفرّان وحدّاد حلاقين وخيّاطين وفرّانين وحدّادين.
نحن لسنا أبناء أبائنا، بل أبناء الحياة السرّ، وأقول السرّ لأنّ علماء الإجتماع اصطدموا مع علماء الجينات، وبانتظار النظرية الشرارة من هذا الصدام.
والعبقرية ليست شرفاً ندّعيه ولا نعمة نتوارثها بالقوة أو بالزعم كما تفعل «القرعا التي تتباهى بشوشة خالتها» (مثل لبناني شهير)
العبقرية نعمة نادرة الوجود بين البشر.
فإذا لم يكن أبناء العباقرة عباقرة ولا مبدعين، فلماذا يضيِّعون ما يمكنهم صنعه لخيرهم وخير الإنسانية بدل التعمشق على ظهر أهاليهم؟
وفي لبنان نعاني من مرض نفسي مستعصٍ، وهو أننا نحبّ أن نرث بعضنا، وأن نُبقي كل شيء ضمن حكم العائلة الواحدة، لذا نرفع راية الوراثة الفنّية، السياسية والحزبية فوق الله.
وبسبب الوراثة، نتلوّى كشعب ومنذ سنوات، لأنّ إبن الزعيم كبِرَ وورث والده دون أن يملك ما ملك السلف، وابن الرئيس أراد أن يُصبح رئيساً، وابن الوزير والنائب وزعيم القبيلة والطائفة كذلك.
حكم العائلات هو الحاكم بأمره في لبنان بقوة الأمر الواقع «الغشيم».
وبسبب منظومة الوراثة، يثور الحاقدون المسلوبون في معظم الدول العربية لإسقاط الوارِث بغير حق. الثائرون سئموا والمنظومة الدولية تستفيد من هذا السأم. والدور آتٍ إلى لبنان آجلاً أم عاجلاً, ذلك أنّ كراسي الحكم لن تظلّ للعائلات. وسيتأتّى عن مناخات التغيير القادمة نتائج منطقية لتُسقِط حكم العائلات الفنية الممسكة بالمسرح والأغنية والتي تُقيم علاقات مع أمثالها من الوارثين السياسيين وتنسِّق معهم لتتناصف وإياهم السلطة على قاعدة: «خود واعطيني، بتقوّسلي فلان، بقبرو وبغنّيلك»!

أشهر العباقرة في التاريخ؟
• ألبرت أينشتاين، هو الإسم الأوّل الذي يتبادر إلى ذهننا عندما نفكّر بالعباقرة، حتى أنّ دماغه سُرِق، وأُخضِع لمجموعة من الفحوصات أظهرت أنّ لديه قصوراً في بعض الأجزاء منه، وأنّ شكل دماغه لا يشبه أي دماغ عادي بل هناك جزء فيه أكبر من آخر، بما يتيح نقل المعلومات من اليمين إلى اليسار بكلّ سهولة. سمّته مجلّة Time بـ person of the century أي شخصية القرن، وغيّرت نظرياته العلمية وتحديداً (نظرية النسبية) العالم، وهو حائز على جائزة نوبل في الفيزياء.
• ليوناردو دافنشي، يُعتبر واحداً من أفضل الرسّامين في كلّ العصور، وما زالت أشهر لوحاته موناليزا والعشاء السرّي (عن السيد المسيح) موضوع دراسة وتحليل. ودافنشي كان متقدِّماً على عصره بأفكاره، حتى أنه صوّر أشياء الهيليكوبتر، الدبّابة، الطاقة الشمسية، الآلة الحاسبة قبل وجودها.
•نيكولا تيسلا/Nikola tesla عرف بقدرته على حفظ كتب كاملة، وكانت لديه ذاكرة فوتوغرافية، واعتبِر أعظم مهندس كهربائي في العالم.
• إسحق نيوتن طوّر قانون الحركة واخترع التليسكوب. لديه قائمة من الإنجازات العلمية في عالم الرياضيات، وقدرة دماغهِ عجيبة.
• مايكل أنجلو كان رساماً إستثنائياً وصاحب قدرة غريبة على تحويل كلّ ما في عقله إلى حقيقة. نحت داوود وpieta قبل أن يتمّ الثلاثين من عمره، وهو من رسم كلّ لوحات كاتدرائية القديس بطرس في روما.
• أرخميدِس، كان فليسوفاً يونانياً مهماً. ورغم أنه لم يبق الكثير من كتبه، لكن لا خلاف علـى عبقريته، خصوصاً أنه خرج بنظرياتٍ في الرياضيات والفلك قبل أوانها.
• ستيفن هاوكينغ عبقري حديث، وأفضل نظرياته هي عن الثقوب السوداء وعلم الكون. وهو حالياً على كرسي مدولَب، بعد أن أصيب بمرض تسبَّب له بالشلل.
وتطول لائحة العباقرة لتشمل أرسطو، بيكاسو، شكسبير، بتهوفين، غاليلو غاليلي وغيرهم، لكن أياً منهم لم يورِث إبنه في حال أنجبه عبقريته، فهل فهمتُم العبرة؟

 

Copy URL to clipboard

شارك الموضوع

Copy URL to clipboard

ابلغ عن خطأ

لقد تم إرسال رسالتك بنجاح

نسخ إلى الحافظة

أدخل رقم الهاتف أو بريدك الإلكتروني للإطلاع على آخر الأخبار